للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما قرأ زياد الكتاب قال: شهداء أبو الحسن ورب الكعبة. فلما قتل على وبقى زياد بفارس خافه معاوية فاستخلفه، وذلك فى سنة أربع وأربعين، واستعمله معاوية على البصرة، ثم أضاف إليه ولاية الكوفة لما مات المغيرة بن شعبة، وبقى عليها إلى أن مات سنة ثلاث وخمسين. وفى التواريخ: أن سمية كانت جارية للحارث بن كلدة الثقفى كما ذكرنا، فزوجها بعبد له رومى يقال له: عبيد، فولدت سمية زيادًا على فراشه، فهو ولد عبيد شرعًا، وكان أبو سفيان قد سار فى الجاهلية إلى الطائف، فنزل على إنسان يبيع الخمر يقال له: أبو مريم، ثم أسلم بعد ذلك، وكانت له صحبة، فقال له أبو سفيان: قد اشتهيت النساء، فقال له أبو مريم: هل لك فى سمية؟ فقال أبو سفيان: هاتها على طول ثديها وذفر بطنها. فأتاه بها فوقع عليها، فيقال: إنها علقت منه بزياد، ثم وضعته فى السنة التى هاجر فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ونشأ زياد فصيحًا، وحضر يومًا بمحضر من جماعة الأصحاب فى خلافة عمر بن الخطاب، فقال عمرو بن العاص: لو كان أبو هذا الغلام من قريش لساق الناس بعصاه، فقال أبو سفيان لعلى بن أبى طالب، رضى الله عنه: إنى لأعرف من وضعه فى رحمه أمه، فقال على: فما يمنعك من استلحاقه؟ فقال: أخاف الأصلع، يعنى عمر، رضى الله عنه، أن يقطع إهابى بالدرة.

ثم لما كان قضية شهادة الشهود على المغيرة بالزنا وجلدهم عمر ومنهم أبو بكرة أخو زياد لأمه، وامتنع زياد عن التصريح، اتخذ المغيرة بذلك لزياد يدًا، ثم لما ولى على ابن أبى طالب الخلافة استعمل زيادًا على فارس، فقام بولايتها أحسن قيام، ولما سلم الحسن الأمر إلى معاوية امتنع زياد بفارس، ولم يدخل فى طاعة معاوية، وأهم معاوية أمره، وخاف أن يدعو إلى أحرم بن هاشم ويعيد الحرب، وكان معاوية قد ولى المغيرة بن شعبة الكوفة، فقدم المغيرة على معاوية سنة اثنتين وأربعين، فشكا إليه معاوية امتناع زياد بفارس، فقال المغيرة: أتأذن لى بالمسير إليه، فأذن له، وكتب معاوية لزياد أمانًا، فتوجه المغيرة إليه لما بينهما من المودة، وما زال عليه حتى أحضره إلى معاوية وبايعه، وكان المغيرة يكرم زيادًا ويعظمه من حين كان منه فى شهادة الزنا ما كان.

فلما كانت سنة أربع وأربعين استلحق معاوية زيادًا بأبى سفيان، فأحضر الناس وحضر من يشهد لزياد بالنسب، وكان ممن حضر لذلك أبو مريم الخمار الذى أحضر سمية إلى أبى سفيان بالطائف، فشهد بنسب زياد من أبى سفيان، وقال: إنى رأيت أسكنى سمية تقطران منى أبى سفيان، فقال له زياد: رويدك طلبت شاهدًا ولم تطلب شامتًا، فاستلحقه معاوية، وهذه أول واقعة خولفت فيها الشريعة علانية لصريح قول

<<  <  ج: ص:  >  >>