اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدى، فذبح على النطع، وعاش الحجاج بعده خمس عشرة ليلة وقعت الأكلة فى بطنه، فدعا الطبيب لينظر إليه، فلما نظر إليه دعى بلحم منتن، فعلقه فى خيط، ثم أرسله من حلقه وتركه ساعة، ثم استخرجه وقد لزق به من الدم، فعلم أنه ليس بناج، وكان ينادى بقية حياته: ما لى ولسعيد بن جبير، كلما أردت النوم أخذ برجلى.
قلت: وسبب ذلك ما ذكرته فى تاريخى البدرى أن الحجاج جعله على نفقات الجند حين بعثه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث إلى رتيل، فلما خلع ابن الأشعث خلع معه سعيد بن جبير، فلما ظفر الحجاج بابن الأشعث هرب سعيد بن جبير إلى أصفهان، فكتب الحجاج إلى نائبها أن يبعثه إليه، فهرب منها، ثم كان يعتمر كل سنة ويحج، ثم إنه جاء إلى مكة، فأقام بها إلى أن وليها خالد بن عبد الله القسرى، فأشار من أشار على سعيد بالهروب منها، فقال: قد استحييت من الله تعالى، فما أفر ولا مفر من قدره، وتولى على المدينة عثمان بن حبان بدل عمر بن عبد العزيز، فجعل يبعث مَن بالمدينة مِن أهل العراق إلى الحجاج فى القيود، وعمرو بن دينار وطلق بن حبيب، ويقال: إن الحجاج كتب إلى الوليد يخبره أن بمكة أقوامًا من أهل الشقاق، فبعث خالد بهولاء إليه، ثم عفى عن عطاء وعمرو بن دينار؛ لأنهما من أهل مكة، وبعث بأولئك الثلاثة، فأما طلق بن حبيب، فمات فى الطريق قبل أن يصل إلى الحجاج، وأما مجاهد فحبس، فما برح فى السجن حتى مات الحجاج، وأما سعيد بن جبير فإنه جرى عليه ما جرى، وكان قتله فى سنة أربع وتسعين.
وذكر ابن خلكان أن هذا كان فى شعبان، وأن الحجاج توفى بعده فى رمضان، ويقال: لما وقف سعيد بن جبير بين يدى الحجاج، فقال: يا سعيد، ما أخرجك علىَّ؟ فقال: أصلح الله الأمير، أنا امرؤ من المسلمين يخطىء مرة ويصيب مرة، فطابت نفس الحجاج وتطلق وجهه ورجا أن يتخلص من أمره، ثم عاوده بشىء، فقال: إنما كانت بيعة فى عنقى، فغضب عند ذلك الحجاج، وكان ما كان من قتله. وفى التهذيب: وقد روى أن الحجاج مات بعده بستة أشهر. وقال أبو القاسم هبة الله بن الحسن البصرى: هو ثقة، إمام، حجة على المسلمين، قتل فى شعبان سنة خمس وتسعين وهو ابن تسع وأربعين سنة. روى له الجماعة، وأبو جعفر الطحاوى.
٨٠٧ - سعيد بن الحارث بن أبى سعيد بن المعلى: ويقال: ابن أبى المعلى
٨٠٧ - قال فى التقريب: ثقة. انظر: التقريب (٢٢٨٧) ، وتهذيب الكمال (١٠/٣٧٩) (٢٢٤٧) ، والتاريخ الكبير (٣/ت