للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعت أبا بكر النقاش يقول: عمرو بن شعيب ليس من التابعين. وقد روى عنه عشرون من التابعين. قال الدارقطنى: فتتبعت ذلك فوجدتهم أكثر من عشرين. وكان الدارقطنى قد وافقه على أنه ليس من التابعين، وليس كذلك، فإنه قد سمع من زينب بنت أبى سلمة، ومن الربيع بنت معوذ بن عفراء، ولهما صحبة. وفى الميزان: جرير عن المغيرة، قال: كان لا يعبأ بحديث سالم بن أبى الجعد، وخلاس بن عمرو، وأبى الطفيل، وبصحيفة عبد الله بن عمرو، ثم قال مغيرة: ما يسرنى أن صحيفة عبد الله بن عمرو عندى بتمرتين أو بفلسين.

وقال ابن عدى: عمرو بن شعيب فى نفسه ثقة، إلا إذا روى عن إبيه، عن جده، عن النبى - صلى الله عليه وسلم - يكون مرسلاً؛ لأن جده عنده محمد بن عبد الله بن عمرو لا صحبة له. قلت: هذا لا شىء؛ لأن شعيبًا ثبت سماعه من عبد الله، وهو الذى رباه، حتى قيل: إن محمدًا مات فى حياة أبيه عبد الله وكفل شعيبًا جده عبد الله، فإذا قال عن أبيه، ثم قال عن جده، فإنما يريد بالضمير فى جده أنه عائد إلى شعيب، وبعضهم تعلل بأنها صحيفة رواها وجادة، ولهذا تجنبها أصحاب الصحيح، والتصحيف يدخل على الرواية فى الصحف بخلاف المشافهة بإسماع. وتردد ابن حبان فى عمرو، وذكره فى الضعفاء، فقال: إذا روى عن طاووس وابن المسيب وغيرهما من الثقات غير أبيه فهو ثقة يجوز الاحتجاج به، وإذا روى عن أبيه عن جده ففيه مناكير كثيرة، فلا يجوز الاحتجاج بذلك. قال: وإذا روى عن أبيه عن جده فإن شعيبًا لم يلق عبد الله، فيكون الخبر منقطعًا، وإن أراد بجده الأدنى فهو محمد، ولا صحبة له، فيكون مرسلاً.

قلت: قد مر أن محمدًا قديم الموت، وصح أيضًا أن شعيبًا سمع من معاوية، وقد مات معاوية قبل عبد الله بن عمرو بسنوات، فلا ينكر له السماع من جده سيما وهو الذى رباه وكفله. ثم قال ابن حبان: والصواب من عمرو بن شعيب أن يحول إلى تاريخ الثقات؛ لأن عدالته قد تقدمت، فأما المناكير فى حديثه إذا كانت فى روايته عن أبيه عن جده، فحكمه حكم الثقات إذا رووا المقاطيع والمراسيل بأن يترك من حديثهم المرسل والمقطوع، ويُحتج بالخبر الصحيح. قلت: قد أجبنا عن روايته عن أبيه عن جده بأنها ليست مرسلة ولا منقطعة، أما كونها وجادة، أو بعضها سماع وبعضها وجادة، فهذا محل نظر، ولسنا نقول: إن حديثه من أعلى أقسام الصحيح، بل هو من قبيل الحسن. وقد توفى بالطائف سنة ثمان عشرة ومائة. روى له البخارى فى القراءة خلف الإمام وغيره، والباقون سوى مسلم، وأبو جعفر الطحاوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>