بعدها (وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ)
وليس كما قالوا، والسورة مدنية، ذكر فيها ما فعلوه بمكة.
فقيل: إنما منعهم من إنزال العذاب بهم في ذلك الوقت أنك كنت فيهم.
وما عذب الله تعالى أمة من الأمم إلا بعد إخراج نبيهم من بينهم، فالعذاب لا ينزل مع حالين:
إحداهما أن يكون النبي فيهم.
أي بين القوم، أو يستغفرون ويتوبون.
وهؤلاء ما استغفروا، ولا تابوا، ولا بينهم نبيهم فما لهم ألا يعذبهم الله؟
وعبَّر عن إخراج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن ترك التوبة، والاستغفار بقوله: (وَهُمْ يَصُدونَ عَنِ الْمَسْجدِ الْحَرَامِ)
وصدهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وعن المسجد الحرام، وتركهم الاستغفار مفهوم من قوله عز وجل:
(وَهُمْ يَصُدونَ عَنِ الْمَسْجدِ الْحَرَامِ) ؛ لأنهم لو آمنوا، واستغفروا لما
صدوا عنه، وما صدوه عن المسجد الحرام إلا بعد خروجه من بينهمْ.
فكأنه قيل: ومالهم ألا يعذبهم الله،، ولست بين ظهرانيهم، وليسوا
بمستغفرين، ولا تائبين؟
الرابع: قوله عز وجل: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)
قالوا: هو منسوخ بآية السيف، وليس كذلك.
إنما أمره الله تعالى بدعوتهم إلى الإسلام، ووعدهم الغفران على
ترك الكفر، والهلاك إن عادوا إلى قتاله، وأنه يفعل بهم ما فعل
بالأولين، وهم الذين قتلوا يوم بدر.