لعشرة فأكثر فهو مثاب مأجور، ليس ذلك بمحرم عليه، فإنه عن
المعرفة بمعزل؛ لأن الوقوف للعشرة كان واجباً فرضاً على الواحد.
وليس هو الآن بواجب، فقد ارتفع ذلك الحكم كله، ونسخ.
السابع: قوله عز وجل: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) .
روي عن ابن عباس رحمه الله أنّها منسوخة بقوله عز وجل: (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) .
ومكان ابن عباس رحمه الله من العلم يجل عن هذا، وهل هذا إلا
عتاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسر أهل بدر، ولم يقتلهم، وقبل منهم الفداء؟
ولو كان هذا تحريماً، ومنعاً لم يجز أن يأخذ الفداء، ولقتلهم وقت نزول
هذه الآية، ولرجع عن قبوله، وقد قال عز وجل: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا)
قيل: أراد الفداء؛ لأنه من جملة الغنائم.
على أن هذه الآية قد أباحت المنَّ، وقبول الفداء بعد الإثخان، وآية
القتال نزلت بعد الإثخان، فهما في معنى واحد، ولا نسخ.
الثامن: قوله عز وجل: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا) .
واختلف في تفسير هذا، فقيل: معناه: ما لكم من ميراثهم من شيء حتى يهاجروا، أي إنهم لمّا لم يهاجروا لم يتوارثوا، فلا ميراث بين المسلم المهاجر، والمسلم الذي لم يهاجر، ثم نسخ ذلك بقوله عز وجل: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ)