للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبوة عن جانب البشرية في التصور الإنساني.

ثانيا: التفرقة بين الجانب الإلهي والجانب البشري تكريم للإنسان واحترام للعقل؛ لأن الإنسان إن أدرك حقيقة ذاته وعرف حقوقه وواجباته، وتمكن من القيام بما هو مسئول عنه، ونال ما هو محتاج إليه في كمال ودقة، كان هذا تكريما له.

وحينما يكلف العقل بما هو ممكن، وحينما يعيش في إطار قدرته الذاتيه ينال رضى نفسه، ويحسن تفكره وتدبره، ويصير مصدر السعادة والخير لذاته ولصاحبه.

وحينما يخرج الإنسان عن طاقته، ويتمادى العقل بعيدا فوق مداركه واستعداداته، فإنه يضل، ويزيغ عن الحق، ويجلب على صاحبه الاضطراب والضياع. من أين للإنسان أن يتصل بقدرة غيبية بعيدا عن ميزان النبوة ومسالكها؟! ومن أين للعقل أن يدرك الغيب الخفي مجردا عن أدواته ومصادره؟؟..

إن العقل ليس هو النبوة؛ ولذلك يجب أن يكون عقلا فقط، ويجب أن يؤمن العقل بالنبوة ليعرف ويعلم، ويؤمن ويهتدي.

ثالثا: يتصور القائلون بالعقل أنهم تقدميون، يسلكون منهجا علميا معاصرا، وما دروا أنهم حين أعملوا العقل في مقابل النبوة، والإرادة الإلهية، رجعوا إلى عصور سحيقة، وتشبهوا بمخلوقات قديمة، اعتمدت على عقلها، وبذلك أثبتوا رجعيتهم وتخلفهم.

ألم يقف إبليس بعقله إمام الوحي والنبوة، حين أمره الله بالسجود لآدم عليه السلام؛ حيث أبى وقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} ؟!.. وتمسك برأيه، وتصور صوابه، مع أنه قائم على الضلال والهوى..

على هؤلاء القائلين بالعقل فقط أن يروا مدى رجعيتهم وتخلفهم، ويعلموا أنهم تشبهوا مع أمثالهم الذين وجدوا مع آدم عليه السلام في القول والتوجيه.

<<  <   >  >>