رابعا: يرى المنكرون للإرهاصات النبوية غرابة فيها لا يستسيغها العقل؛ ولذلك سارعوا إلى إنكارها، أو السكوت عنها، ومن عجب أن هؤلاء المنكرين أغلبهم من المستشرقين غير المؤمنين بالإسلام والذين يدينون بالمسيحية؛ ولذلك نسألهم: أيها أكثر غرابة في عقولكم: امرأة تحمل بلا زوج، أم انطفاء نار؟ وأيها أقرب للعقل: اهتزاز قصر، أو ولادة طفل بغير أب؟!..
إن المسلم يصدق بكل هذا؛ لأنه يؤمن بالله، وبنبوة عيسى عليه السلام..
ولكن السؤال نوجهه لهؤلاء الذي يحاولون تفسير الإسلام تفسيرا عقليا، بعيدا عن بيئته وطبيعته.
لو وقفنا أمام كل غريبة من الغرائب، ولم نسلم بها، وأخذنا نعرضها على التجربة والقواعد العقلية، فسوف نهدم كثيرا من وقائع الحياة التي نعيشها، فكم فيها من الغرائب والعجائب؟!!
إن كون الله معجز كله، وتصور إيجاده فوق مستوى العقل كسائر أسرار الله في الخلق.
كيف وجد العقل؟ وكيف يتصور ويفهم ويحكم؟
كيف للقلب أن يعمل؟ ومتى ينشط؟ ومتى يتوقف؟
كيف تقوم الجوارح والأحاسيس والعواطف بوظائفها؟
إن كل ذلك وغيره قدرة إلهية، لا تدرك العقل حقيقتها وكنهها، مما يجعلنا نقول لهؤلاء: متى تقفون بالعقل عند طاقته وحدوده؟.. متى؟!..
خامسا: المنكرون للإرهاصات والأحاديث يحكمون القرآن الكريم حينما يتصورون تعارض الأحاديث ومرويات السيرة معه؛ لأنهم لا يريدون تكذيب القرآن -كما يزعمون- ولكنهم يردون السنة فقط، حتى يظهروا بمظهر الإنصاف والحياد.
ألم يعلموا أن السنة الصحيحة لها حجة شرعية كحجية القرآن الكريم؟! يقول النبي صلى الله عليه وسلم:"ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه".