للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيا: رعي الغنم

عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة، ورأى قلة مال عمه، وكثرة أولاده، فرغب في مساعدته، وهداه الله للعمل بأجرة لأهل مكة، فرعى لهم غنمهم.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم"، فقال له أصحابه: وأنت يا رسول الله؟ قال: "نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة" ١.

والقيراط عملة فضية تمثل جزءا من الدينار أو الدرهم.. ومن قال: إنها جزء من الأرض فقد وهم؛ لأن قيراط الأرض لم يعرف إلا في مصر.

عن أبي سعيد الخدري قال: افتخر أهل الإبل والشاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعث موسى وهو راعي غنم، وبعث داود وهو راعي غنم، وبعثت وأنا راعي غنم، أرعاها لأهلي بأجياد" ٢.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمر الطهران، ونحن نجني الكباث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالأسود منه، فإني كنت أجنيه إذ كنت أرعى الغنم"، فقلنا: يا رسول الله، كأنك رعيت الغنم، قال: "نعم، وهل من نبي إلا وقد رعاها!! " ٣.

ومن المعلوم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رعى الغنم لحليمة مع غلام لها، كما سبق في حديث شق الصدر، حين جاءه الملكان وشقا صدره.

وللمرء أن يتساءل: وما الحكمة في رعي الغنم؛ حتى يقدرها الله لأنبيائه جميعا؟..


١ صحيح البخاري بشرح فتح الباري، كتاب الإجارة - باب رعي الغنم على قراريط ج٤ ص٤٤١.
٢ المسند ج٣ ص٤٢، وفتح الباري ج٤ ص٤٤١.
٣ صحيح مسلم بشرح النووي - كتاب الأشربة - باب فضيلة الأسود من الكباث ج٤ ص٥، والكباث: ثمر الأراك الناضج.

<<  <   >  >>