للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان يرى أن خديجة ستعطي محمدا من الأجر الكثير بعدما ترى منه الصدق والأمانة وحسن المعاملة.

لكن محمدا صلى الله عليه وسلم أنفت نفسه أن يذهب لخديجة، باحثا عن عمل في أموالها؛ ولذلك قال لعمه: "لعلها ترسل إليَّ".

لم ينتظر أبو طالب أن ترسل خديجة لمحمد مخافة أن تولي رجلا آخر، أو تظنه لا يقبل العمل لديها، ولذلك ذهب بنفسه إلى خديجة وقال لها: يا خديجة، هل لك أن تستأجري محمدا؟

فقد بلغنا أنك استأجرت فلانا ببكرين، ولن نرضى لمحمد دون ذلك.

فقال خديجة: لو سألت ذلك لبعيد بغيض فعلنا، فكيف وقد سألت لقريب حبيب١!!

عاد أبو طالب لمحمد، وأخبره بما جرى مع خديجة، وقال له: هذا رزق ساقه الله إليك.

وقالت خديجة لميسرة لما تأهب ومحمد للسفر، قالت له: لا تنقض له أمرا، ولا تخالف له رأيا؛ لعلمها بحسن إدارته، وقوة شخصيته، وإتقان ما يقوم به من عمل.

وأخذ عمومته يوصون أهل العير بابن أخيهم، ولولا الحاجة ما أخرجوه٢..

لكن الله تعالى أخرجه من مكة تاجرا هذه المرة؛ ليجوب أرض الله مكتشفا، وليخرج من تجارته تلك بما يغنيه ويرضيه.

وكانت رحلة مباركة امتلأت بالعجائب التي قدرها الله لحبيبه ومصطفاه.. فقد توالت الإرهاصات، وكان ميسرة يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الهاجرة، وقوي الحر، يظله ملكان وهو على بعيره، ولما دخل مكة في وقت الظهيرة ذهب إلى خديجة فرأت الملكين فوقه.


١ الطبقات الكبرى ج١ ص١٣٠.
٢ المرجع السابق ج١ ص١٣٠.

<<  <   >  >>