اختيار صيغة المضارع للمبالغة في تأثير التصوير باستحضار المشهد، كأنه واقع وقت التكلم، وما يلقيه المشهد في الحس من الفزع والخوف.
ولو عبر بألفاظ أخرى لا تستطيع هذا التصوير مثل "عذابا شديدا" لما كان له مثل هذا الأثر المناسب للمقام.
وقوله:{الْأَشْقَى} الذي يجعل المستحق لهذا العذاب في قمة الشقاء، وتلك إضافة جديدة تزيد التعبير قدرة على الترهيب، ثم لنتأمل قوله:{وَتَوَلَّى} الذي يصور المكذب في عدم استجابته للدعوة وعناده كأنه يذهب بعيدا عن الدعوة مبالغة في وصفه بالكفر الذي استحق به العذاب.
أما قوله تعالى:{وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} فإنه يصور الأتقى وقد أبعد عن مصدر الخطر، فلم يكتفِ بالوعد بعد تعذيبه، بل أخبر بأنه سيكون بعيدا عن النار زيادة في الاطمئنان، وحثا على البعد عن أسباب الشقاء.
وهكذا يبدو أثر التصوير بالكلمات في تقوية المعاني وزيادة تأثيرها في النفوس تحقيقا لما يرمي إليه الداعية ترهيبا أو ترغيبا.
٢- التصوير بالتشبيه:
أسلوب التشبيه من الأساليب القوية في التأثير لما تملكه من عناصر الحركة والتوضيح، يقول الإمام عبد القاهر الجرجاني: إن التشبيه يفتح إلى القلب طريقا متصلا بالعين.
وعلى ذلك فهو تحريك للعين والقلب والحواس، ومثاله قوله تعالى:{فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ، كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ، فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} ١ وقد جاءت هذه الآيات بعد آيات صورت مصير المؤمنين والكافرين بعد استقرارهم في الجنة والنار.