للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يلاحظ بينها وبين شيء آخر تشبيه١.

ويطلق بالمعنى الأول على الاستعارة التمثيلية التي اشتهرت وصارت مثلا، وهي كثيرة في القرآن الكريم، ومن المعنى الثاني قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} ٢ أي: الوصف الذي له شأن عظيم وخطر جليل، وقوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} ٣ أي: قصتها العجيبة الشأن.

هذا وأسلوب المثل له خطره بين فنون القول وقدرته على التأثير التي يستمدها من خصائصه المميزة:

أولها: ما يعبر عنه السيوطي في الإتقان بقوله: "ضرب الأمثال يستفاد منه أمور كثيرة، منها: تقريب المراد للعقل وتصويره بصورة المحسوس، فإن الأمثال تصور المعاني بصورة الأشخاص؛ لأنها أثبت في الأذهان لاستعانة الذهن فيها بالحواس، ومن ثم كان الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجلي والغائب بالمشاهد"٤.

ويقول عنه صاحب الكشاف: "ولضرب العرب الأمثال واستحضار العلماء المثل والنظائر شأن ليس بالخفي في إبراز خبيئات المعاني، ورفع الأستار عن الحقائق، حتى يريك المتخيل في صورة المحقق، والمتوهم في محضر المتيقن، والغائب كأنه مشاهد وفيه تبكيت للخصم الألد، وقمع لسورة الجامح الأبي"٥.

وثانيها: أن للأمثال قدرة على الاستحواذ على المشاعر، وإيقاظ النفوس، وتحديد نشاطها، فالإنسان يميل بطبيعته إلى الاستشهاد بالأمثال لما يرى فيها من جمال


١ تفسير أبي السعود ج١ ص٤٠.
٢ سورة النحل الآية ٦٠.
٣ سورة الرعد الآية ٣٥.
٤ الإتقان في علوم القرآن ج٢ ص١٣١.
٥ تفسير الكشاف ج١ ص١٩٥.

<<  <   >  >>