للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا، قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا، قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا، قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} ١.

المشهد الثاني: يصورها وقد حملت بابنها، وخافت أن يطلع أهلها على ما بها، فآثرت البعد عنهم ورحلت إلى مكان بعيد، وهناك تعاني آلاما لا قبل لها بها، فهي تعلم أنها تؤدي دورا اصطفاها الله له، ولكنها تدرك كذلك أن أحدا لن يصدقها فيما ستذكره من تفسير لحملها بهذا الوليد بلا أب، ثم تجتمع عليها الآلام الجسدية والنفسية عند الوضع فتكاد مقاومتها تنهار، وتتمنى لو ماتت قبل أن تتعرض لكل ذلك، ولكن الرحمن يفرج عنها ذلك كله في لحظة ويبرئ جراحها، وترى من الآيات ما يملؤها ثقة به تستهين معها بكل شيء.

{فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا، فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا، فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا، وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا، فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} ٢.

المشهد الثالث: يمثلها وقد عادت تحمل ابنها إلى قومها، فيواجهونها بما هو متوقع منهم، بالتأنيب والسخرية، ويقفونها موقف المسئول عن جريمة ارتكبتها، ولكن المعجزة الإلهية تنهي الموقف كله، وينطق الله الوليد ليخبر القوم بالحقيقة.


١ سورة مريم الآيات ١٦-٢١.
٢ سورة مريم الآيات ٢٢-٢٦.

<<  <   >  >>