للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا، يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا، فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا، قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا، وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا، وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} ١.

وتنتهي المشاهد عند هذا الحد، فقد استوفى الغرض المسوقة له القصة ما يحتاجه من بيان، ولم يبقَ إلا أن يعقب القرآن عليها بما يبلور مغزاها ويقرر ما دلت عليه.

والمشاهد كما نرى تنقلنا إلى مسرح الأحداث وتعرضها علينا بعد أن منحتها الحياة، وجعلتها تجري تحت أبصارنا وبصائرنا.

ولنلق نظرة على قدر النص على تصوير المشاعر التي صاحبت هذه الأحداث وجعلتنا نشارك أصحابها انفعالهم ونتجاوب معهم.

فها هي ذي مريم -تلك الفتاة العذراء الطاهرة- تريد الخلوة فتحطاط ألا يراها إنسان، وتتخذ الحجاب، ولكنها تفاجأ بشاب وسيم أمامها، ولنا أن نتخيل أزاء ما أصابها من ذعر وفزع، وماذا تملك وهي فتاة لا حول لها ولا طول، وماذا تفعل؟ فلنستمع إلى القرآن يعبر عن فزعها في قوله: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} .

وعندما يجيبها الملَك الكريم موضحا مهمته لا يجدي ذلك في طمأنتها ونزع الشك من نفسها، فقد تكون خدعة دبرها ذلك الذي اقتحم عليها خلوتها فنراها


١ سورة مريم الآيات ٢٧-٣٣.

<<  <   >  >>