ينشأ الغضب عندما يستشعر المرء أن هناك تهديدا لكيانه النفسي، سواء اتصل ذلك بذاته أو معتقداته أو ممتلكاته أو بيئته أو غيرها.
وفي رأي الغزالي أن الغضب ينشأ عن أخذ شيء محبوب من الشخص, أو قصده بمكروه:
"بل الحق ما نذكره, وهو أنه ما بقي الإنسان يحب شيئا ويكره شيئا فلا يخلو من الغيظ والغضب، وما دام يوافقه شيء ويخالفه آخر فلا بد أن يحب ما يوافقه ويكره ما يخالفه، والغضب يتبع ذلك، فإنه مهما أخذ منه محبوبه غضب لا محالة, وإذا قصد بمكروه غضب لا محالة".
وبذلك فإن الغزالي يربط بين الغضب وبين حدوث الفقدان، وكذلك حدوث التهديد، أو بمعنى آخر: أن الغضب ينشأ عن موقف فيه إحباط.
ثم يعود الغزالي بعد ذلك, فيقسم ما يحبه الإنسان إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: يتعلق بالضرورات كالقوت والملبس, والمسكن وصحة البدن.
"فمن قصد بدنه بالضرب والجرح فلا بد أن يغضب، وكذلك إذا أخذ منه ثوبه الذي يستر عورته، وكذلك إذا أخرج من داره التي هي مسكنه أو أريق ماؤه الذي لعطشه، فهذه ضرورات لا يخلو الإنسان من كراهة زوالها, ومن غيظ على من يتعرض لها". "ص١٦٩".
القسم الثاني: يتعلق بممتلكات الفرد وما ينتمي إليه مما لا يعتبر ضروريا، ولكنه صار محبوبا بالعادة "عن طريق الاقتران بالضرورات".
يقول الغزالي في ذلك:
"القسم الثاني: ما ليس ضروريا لأحد من الخلق كالجاه والمال الكثير والغلمان والدواب، فإن هذه الأمور صارت محبوبة بالعادة والجهل بمقاصد الأمور ...