للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه العادات الرديئة هي التي أكثرت محابّ الإنسان ومكارهه فأكثرت غضبه، وكلما كانت الإرادات والشهوات أكثر كان صاحبها أحطّ رتبة أو أنقص؛ لأن الحاجة صفة نقص, فمهما كثرت كثر النقص، والجاهل أبدا جهده في أن يزيد من حاجاته وفي شهواته، وهو لا يدري أنه مستكثر من أسباب الغمّ والحزن، حتى ينتهي بعض الجهّال بالعادات الرديئة ومخالطة قرناء السوء إلى أن يغضب لو قيل له: إنك لا تحسن اللعب بالطيور, واللعب بالشطرنج ... فالغضب على هذا الجنس ليس بضروري؛ لأن حبه ليس بضروري". "ص١٦٩".

القسم الثالث: ما ترتبط ضرورته بشخص دون آخر.

يقول الغزالي:

"القسم الثالث: ما يكون ضروريا في حق بعض الناس دون البعض، كالكتاب مثلا في حق العالم؛ لأنه مضطر إليه فيحبه فيغضب على من يحرقه ويغرقه, وكذلك أدوات الصناعات في حق المكتسب الذي لا يمكنه التوصل إلى القوت إلا بها, فإنما هو وسيلة إلى الضروري، والمحبوب يصير ضروريا ومحبوبا، وهذا يختلف.

وإنما الحب الضروري ما أشار إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: $"من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه وله قوت يومه, فكأنما حِيزت له الدنيا بحذافيرها"" "ص١٧٠".

آثار الغضب:

لا شك أن الغضب اضطراب شديد يشمل الفرد في موقف من المواقف, ويؤدي إلى مجموعة من المظاهر أو الأعراض, منها: آثار فيزيولوجية داخلية وآثار بدنية خارجية وآثار معرفية وآثار وجدانية.

وقد عدّد الإمام الغزالي آثار الغضب, فيذكر منها "ص١٦٨":

"ومن آثار هذا الغضب في الظاهر: تغير اللون وشدة الرعدة في الأطراف وخروج الأفعال عن الترتيب والنظام، واضطراب الحركة والكلام، حتى يظهر الزبد على الأشدق وتحمر الأحداق وتنقلب المناخر وتستحيل الخلقة، ولو رأى الغضبان في حالة غضبه قبح

<<  <   >  >>