وفي رواية: "إن الغضب من الشيطان, وإن الشيطان خُلِق من النار, وإنما تطفأ النار بالماء, فإذا غضب أحدكم فليتوضأ".
والمتأمل في هذه الأساليب الثلاثة, والتي استمدها الإمام الغزالي من السنة النبوية المطهرة, يجد أنها تمثل كل ما انتهى إليه علم النفس المعاصر في السنوات الأخيرة, وتتميز عليه بجانبين أساسيين:
أولهما: الاستفادة من الجانب الديني في حياة الفرد, والذي يمثل بعدا فطريا أهمله الباحثون في مجال علم النفس.
وثانيهما: أنها أسبق على ظهور علم النفس بثلاثة عشر قرنا من الزمان.
وإذا كان الغزالي قد أفرد للعلم جانبا أساسيا, فإن هذا الجانب "الجانب المعرفي" لم يعرف إلا حديثا في علم النفس العلاجي والإرشادي. كذلك فإنه قد ركز على علاج الفرد لنفسه؛ اعتمادًا على هذه الأساليب الدينية المنشأ, السهلة الاستخدام.
وإذا نظرنا إلى الإجراءات العملية، قولية أو إجرائية, نجد في مقدمتها الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم, يكررها الفرد لنفسه، وهي بلغة علم النفس تعمل كاستجابات مضادة أقوى من استجابة الغضب، وتشتمل على جانب رفض لهذا الدخيل على نفسه الغضب، وما يترتب عليه من أضرار، وهي كلها من فعل الشيطان، وجانب استعانة بالله سبحانه وتعالى القادر على إذهاب كيد الشيطان. وفي محاولات حديثة في مجال العلاج النفسي نجد وولبيه يقترح أسلوبا أطلق عليه وقف التفكير Thought stopping يعتمد على أمر يصدره الشخص لنفسه بقوله: "توقف" بصوت عالٍ، والمقارنة غير واردة بين أسلوبين، أحدهما يستند إلى أساس شرعي ديني ويستمد فيه الفرد العون من خالقه، وبين أسلوب يستخدم فيه الفرد أمرا موجها إلى ذاته بالتوقف. وفي نفس الوقت, فإن القوة التي يستمدها الفرد في الاستعاذة بالله قوة تفوق كثيرا ما يستمده من قول ظاهر, لا يستند إلا إلى قرار داخلي.
ولعلي أضيف إلى ما أورده الغزالي في علاج الغضب, مجموعة من الأساليب الإسلامية التي تؤدي إلى استبعاد سلوك الغضب, ومنها: