إرجاع الروح لصاحبها إذا بلغت الحلقوم، فأين المادة التي يتشدقون بأنها هي الموجدة لهذا الكون؟! ولماذا لا يتوسلون إليها لإرجاع الروح بعد أن يصبح الجسد مادة هامدة؟!.
أما ما يرددونه من أن كل الأشياء تحوي تناقضات داخلية مجتمعة في وحدة يسمونها وحدة الأضداد أو وحدة المتناقضات تتصارع فيما بينها، ثم ينتج عن ذلك الصراع تطور في صعود دائم لا ينتهي، فهو افتراض سخيف؛ إذ لا يوجد إلا في الذهن، والذهن قد يتصور أن المستحيلات ممكنة أحيانًا، ذلك أن اجتماع النقيضين أمر غير ممكن، إلا إذا صدقنا بأن الحرارة والبرودة تجتمع في النار، أو الحياة والموت يجتمع في الشخص في وقت واحد، وليس من هذا ارتفاع الضدين في وقت واحد فإنه ممكن، كقول الناس: هذا لا هو أبيض ولا هو أسود، أي هو على لون غير هذين اللونين أصفر أو أحمر مثلًا، أما أن يقال: هذا أبيض وأسود أو ساكن ومتحرك في وقت واحد فهو مستحيل. أيضًا لقد غلا الشيوعيون في تقديس المادة وعتو عتوًّا كبيرًا، إلى حد أنه تنطبق عليهم المقالة المشهورة: إذا حدث الشخص بما لا يعقل فصدق فلا عقل له.
فأي عقل سليم وأي فطرة سليمة تصدق أن المادة الصماء هي الخالقة وهي الرازقة وهي المدبرة لجميع أمور هذا الكون؛ علويه وسفليه ظاهره وخفيه؟! مع اعترافهم هم أيضًا بأن تلك المادة لا حياة لها ولا فكر ولا تدبير في البدايات الأولى لها، غير ما تخيلوه أنها بعد ذلك تطورت حتى أوصلت هذا الكون على ما هو عليه الآن، ثم يقولون: هي أزلية لا بداية لها ولكنهم يتوقفون حينما يقال لهم: إنها حادثة، ولا يستطيعون الجواب لأنهم متناقضون، وإذا أفحمهم العقلاء عن سر وجود هذا الكون قالوا بأن الكون وجد من العدم، ولا يبالون