للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسخف واستحالة هذا القول والقول الآخر بأن المادة هي التي تسير العقل وتوجد الفكر، لا أن العقل هو الذي يوجد المادة ويكيفها كما يريد مكابرة منهم وجهلًا شنيعًا، حيث صار المصنوع صانعًا على حسب مفهومهم، فالطائرة هي التي كونت فكرة الإنسان لصناعتها، وما الذي يمنعهم من هذا وقد زعموا أن الحياة كلها ظهرت صدفة دون مدبر عليم؛ نتيجة تفاعلات المادة الناتجة عن حركتها الذاتية المستمرة، لا أن هناك ربًّا خالقًا لها؟! وهي مكابرات لعلهم أول من استيقن بطلانها، لولا العناد والاستكبار وتنفيذ خطط ماكرة أملتها عليهم الأحقاد اليهودية على مر السنين.

ونناقش الآن مسألة التطور في كلامهم، وهي المسألة التي تتردد على ألسنة كثير من الناس، بعضهم يدرك المدلول والمغزى الأساسي لها، وبعضهم يعرفها بصورة مجملة ويرددها على هذا المفهوم، وهي في ظاهرها كلمة جميلة توحي بالتجديد والنشاط والحيوية المطلوبة، إلا أنه ينبغي أن ندرك أن كثيرًا من أصحاب الأفكار الهدامة قد استغلوها استغلالًا فاحشًا، وبنوا عليها آراءهم التي يهدفون من ورائها إلى تغيير المفاهيم السليمة، والمعتقدات المستقيمة والحياة الاقتصادية تغييرًا جذريًا، يتفق مع ما بينوه لقلب الحياة الاجتماعية، وحسبنا هنا أن نذكر مفهوم التطور بصورة موجزة، وهل التطور الذي يريده الشيوعيون هو تطور حقيقي، أما أنها خرافات وهمية تخيلوها لتأييد ما يهدفون إليه من الإلحاد؟ فالتطور بحد ذاته يراد به: الانتقال من مرحلة إلى مرحلة، والتغيير من حال إلى حال، والواقع أنه إما أن يكون التطور في خلق الإنسان وتركيبه، وإما أن يكون في أصل نشأة الكون وما فيه.

فأما التطور بالمفهوم الأولي في خلق الإنسان وتركيبه وهو حق، وهو ما جاء ذكره في كتاب الله تعالى في بيانه لخلق الإنسان، والمراحل التي يمر بها في

<<  <   >  >>