قوله تعالى:{وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا}(نوح: ١٤). أي أوجدكم طورًا بعد طور، وهو ما فسره الله تعالى بقوله في آية أخرى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ}(المؤمنون: ١٢ - ١٦). هذه هي أهم الأطوار التي يمر بها الإنسان في حياته الجسمية وهي خاصة ببني آدم، أما آدم فإن هذه التطورات لا تشمله، فقد خلقه الله بيده من تراب الأرض ثم نفخ فيه الروح فكان بشرًا سوي ًّ ا، أما التطور بالمفهوم الثاني فإنه ينقسم إلى قسمين:
قسم نشأة هذا الكون والمراحل التي مر بها في تطوره إلى أن وصل إلى ما هو عليه الآن. والقسم الثاني: يتعلق بمعرفة أصل نشأة الكائنات الحية، المراحل التي مرت بها في تطورها وفي أولها الإنسان، وكيف نشأ وكيف تطور في وجوده وفي تفكيره وفي معيشته وفي عبادته، حسب تفكير أصحاب نظرية التطور، وفي أولهم "داروين" وحفيده ومن جاء بعدهما على هذه الفكرة الباطلة، التي أصبح دعوى التطور فيها من أهم خصائص المذهب الشيوعي، حيث يقصدون بالتطور أن كل أمر في هذا الوجود يتطور ويتقدم إلى الإمام في خطوات متتابعة إلى ما لا نهاية بزعمهم، ويستدلون على ذلك بما قرره "داروين" من أن الإنسان كان مائيًّا ثم برمائيًّا ثم بريًا، ثم عرف الرق ثم الإقطاع ثم الرأسمالية إلى أن عرف الشيوعية الماركسية وسيتطور فيما بعد.
ولا يغيب عن الطالب الذكي وضع الشيوعية اليوم، حيث أقر الله عيون أهل الإيمان بموتها في عقر دارها، وهذا من الأدلة الدالة على كذب أحلام الملاحدة فيما تصوروه عن التطور المزعوم وأبديته، وانتشار المذهب الشيوعي تلقائيًا، كما أن هذا المفهوم الذي قرره الملاحدة لتطور الأشياء لم يكن صحيحًا، فوجود المادة لا يطور أحدًا وليس وجودها كافيًا لتطور الإنسان، ومعلوم أن الماديين وهم