للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والملاحدة وهم ينكرون وجود الله تعالى، ولا يعترفون بأنه هو الخالق المدبر لهذا الكون وما فيه، هم أقل وأذل من أن يصلوا إلى قناعة بإنكارهم، وهذا إجرام شنيع ولم يكتفوا به، بل أضافوا إلى هذا الإجرام زعمهم أن العلم هو الذي دل على هذا، وأن البديل عن الله تعالى هي الطبيعة، التي قالوا عنها بأنها هي التي خلقت السموات والأرض والإنسان والنبات وسائر المخلوقات، فكيف تم ذلك حسب تعليلهم؟

قالوا -وبئس ما قالوا-: إن وجود هذا الكون وما فيه إنما هو نتيجة حركة أجزاء المادة، وتجمعها على نسب وكيفيات مخصوصة بوجه الضرورة بدون قصد ولا إدراك، وبسبب تلك الحركة أخذت تتجمع أجزاء المادة المختلفة الأشكال على كيفيات وأوضاع شتى، فنتجت تلك المتنوعات. هذا هو مبلغهم من العلم، مبلغهم من العلم أن كل شيء وجد بطبيعته عن طريق الصدفة والحركة التطورية دون قصد ولا إدراك، على أن هذه الطبيعة التي يزعمون أنها تفعل كل ما تريد نجد أن بعضهم لا يحترمها، بل يتعمد الإساءة إليها وإهانتها بأنواع السباب واللمز في إرادتها وقوتها ووفائها.

وإليك ما قاله وزير خارجية أكبر دول العالم وأقواها، في عتابه المرير وتهكمه بالطبيعة حينما لم تحقق لهم آمالهم وما يطلبونه منها، فقد قال "كولن باول": "إننا ندين تخلف الثلج عن موسم الأعياد، راجيًا الطبيعة الأم أن تعالج هذه المسألة". إلى أن قال: "لا يمكن لشيء أن يبرر إفساد هذا الحدث الهائل. إننا ندعو الطبيعة إلى القيام بمبادرة فورية". وقال: "إننا نعتبر استمرار الطبيعة في رفض القيام بواجباتها حيال الدول المتحضرة عملًا استفزازيًّا". فيا ترى ماذا يقصد بالطبيعة الأم؟! إنه إلحاد وكفر وسخف، فما هي الطبيعة الأم التي يتحدث عنها هؤلاء ويقولون:

<<  <   >  >>