إنها هي التي تخلق وتحيي وتميت وترزق من تشاء وتمنع من تشاء، وتخاطب بتلك اللهجة الحارة المفتقرة إلى الأدب؟! فمن المعروف أن الطبيعة لا تخلو عن أن تكون:
أولًا: إما أن تكون هي نفس الذوات الموجودة في الكون من الحيوان والنبات والجماد، وهذه كما نرى لا يصح الاستغاثة بها ليتساقط الثلج في موسم الأعياد، ليلهوا ويلعب بها طغاة اليهود. ثانيًا: وإما أن تكون هي صفات الأشياء الموجودة في العالم؛ من حركة وسكون وحرارة وبرودة وليونة ويبوسة إلى غير ذلك، وهذه أيضًا كذلك لا تملك لنفسها وجودًا ولا عدمًا، ومهما كان الجواب فإنه خطأ وجهل شنيع حين يسند إيجاد هذا الكون البديع عن طريق طبيعة لا تعقل، فلا تملك لنفسها ولا لغيرها ضرًا ولا نفعًا، فهل يتصور أحد أن من لا يعقل يخلق من يعقل، وهل يستطيع شيء لا إرادة له ولا غاية أن يخلق كائنًا له إرادة وغاية؟!.
إن الإنسان كائن عاقل مدبر وله إرادة وله هدف وله غاية، والطبيعة ليست لها تلك الصفات فهي ناقصة، فهل يمكن للناقص أن يوجد الكامل؟! إن هذا الكون محكم متقن كما قال الله تعالى:{لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}(يس: ٤٠).
فالكواكب محكمة بإتقان والبحار لا يطغى بعضها على بعض، والحيوانات لا تلد إلا نفس الحيوان من جنسها، والشجرة لا تنبت إلا نفس الشجرة، وقس على هذا سائر ما تراه في هذا الكون، فالإنسان هو الإنسان والبقرة هي البقرة والكبش هو الكبش أينما اتجهت في هذه الأرض، مما يدل على أن الخالق واحد، فكيف تستطيع الطبيعة أن تدير هذا الكون بهذه الدقة المعجزة، التي تشهد آياتها في كل ما حولنا من شؤون الكون؟! والحياة تشهد أن لها خالقًا قاهرًا.