التكيف مع الظروف. مثل: ظهور المناعة لمقاومة الأمراض وتغير لون الجلد لمقاومة الحرارة وأشعة الشمس، كل هذه الثوابت لا يعارضها دين ولا يعارضها عقل، وهي من أوضح الأمور على قدرة الله تعالى الذي منحها هذه الصفات، فإن ترتيب وجود الكائنات يعود لمشيئة الله تعالى، ولا يلزم من وجود الكائن الأول أن الكائن الذي يليه تولد عنه، فإن الإنسان مع وجوده متأخرًا لا يصح أن يقال: إنه تولد عن النبات الذي سبقه في الوجود وإلا لزم التسلسل، فإنه يقال لمن يريد إثبات ذلك: والنبات أيضًا عن أي شيء تولد؟! فلو قال: من اجتماع أجزاء المادة يقال له: وأجزاء المادة أيضًا من أي شيء تولدت؟! وهكذا فلا يجد جوابًا في النهاية إلا التسليم رغم أنفه شاء أم أبى.
أما وجود التشابه بين الكائنات الحية فلا يعني هذا أيضًا أن كل كائن تولد عن شبهه، ولا يصح أن يقال: إن القرد تولد عن الإنسان أو الإنسان تولد عن القرد لما بينهما من تشابه، بل إن العلم والدين كلاهما يثبتان أن التشابه بين الكائنات الحية مع بعضها البعض، أو مع بعضها وأخرى ليست من جنسها إنما هو دليل قاطع على أن مصدر الإيجاد واحد وهو الله تعالى، ولو أن الكائنات كلها تولد بعضها عن بعض لما كان هناك فرق في مفاهيم العقلاء بين أن تقول لإنسان: أنت قرد أو كلب أو شجرة وبين أن تقول له: أنت إنسان أو قمر أو وردة؛ لحصول التولد الذي زعمه الملاحدة، إذ ما دامت الكائنات كلها تولدت عن بعضها البعض فلا يبقى بينهم أي فارق حقيقي.
ثالثًا: من شبهاتهم في إنكار وجود الله تعالى: قانون العلة أو المعلول: أو ما يسمى عندهم بالتفسير الميكانيكي للكون، ومن المسلم به عند العقلاء -وعند كل المؤمنين بالله تعالى- أن الله تعالى يوجد الأشياء عند وجود أسبابها في