هناك آلهة مشتركة في تدبير هذا الكون، وهي تخضع في النهاية لإله واحد هو أكبر هذه الآلهة، وقد تغيرت هذه النظرة الشركية إلى ما هو أقبح منها، وهو هذا الإلحاد المادي الحديث القائم على القول بالصدفة وطبيعة أجزاء المادة وانتظامها وانفجارها، مما لم يقل به المشركون قديمًا.
والشبهة الرابعة من شبهات الملحدين على إنكار وجود الله تعالى: ما يسمونه دليل المادة: فهم يقولون: إن أساس هذا الكون كان مادة تشبه الغبار المنتشر، ثم حدث أن تحرك هذا الغبار حركة لم تنته إلا بتكوين هذا الكون وما فيه من انفجار هائل. ولكن لنا سؤال عن هذا التفسير المضحك السخيف: هل يستطيعون أن يثبتوا من الذي كون هذا الغبار ومن الذي جمعه، ومن كان السبب في تلك الحركة الذي جعلت الكون كله ينفجر يتكون على نحو ما هو عليه؟! إن هذه الأسئلة لا تجد لها جوابًا عندهم، غير أن الصدفة هي التي فعلت ذلك وهو افتراض بدون أساس، افتراض ناتج عن خيال كاذب وفهم قاصر، ويقال لهم: إذا كان وجود هذا الكون عن طريق الصدفة، أليس من الممكن -والحال هكذا- أن توجد صدفة أخرى تقضي على هذا الكون كله، وتتعطل كل هذه المصالح من شمس وقمر ونجوم، وغير ذلك مما في هذا الكون المترابط المنتظم بصورة تضمن استمرار الحياة سليمة عن الخراب والتداخل، إذ الشمس تجري لمستقر لها والنجوم زينة السماء فماذا يردون عند سؤالنا هذا؟
إن هذا التفسير نقيض كلامهم السابق فهو يعجز عن تقديم تفسير مقنع لتسلسل الوجود، لكنهم بزعمهم يقولون: إنهم وجدوا في مبدأ التعليل الذي زعموا فيه أن الكون ابتدأ في الوجود إثر حركة المادة وانفجارها، ما سبق أن ذكرناه وعرفنا سخافته وبطلانه، وحينما قام الإلحاد ونكران وجود الله على أساس أن الكون