للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن السذاجة والجهل القول بأن الملكية الفردية نشأت عن ظهور الصناعة والزراعة، وأنها ليست فطرية في نفوس الناس، بل وفي نفوس الحيوانات؛ فإن الملكية الزراعية نفسها لم تقم إلا بسبب النزعة الملكية الفردية كانت أو الملكية الجماعية، وإلا لما قامت الزراعة ولما عرف الإنسان طريقه إلى الجمع والادخار بين مقل ومكثر وبخيل وكريم، وأما زعمهم أن الناس منذ أن تركوا الشيوعية الأولى وهم في صراع طبقي مرير، وأن ذلك سيستمر حتى يرجع الناس إلى الشيوعية الأولى، وذلك بترك الملكية الفردية وتساوي الناس في كل شيء، بزوال الطبقات التي أحدثتها الملكية الفردية وتكدس رؤوس الأموال في فئة دون فئة.

يقال لهم: هل يتحقق ذلك في عالم الواقع، وهل يمكن أن يتساوى الناس وتزول الطبقات خصوصًا في ظل النظم الجاهلية، وهل يمكن أن تتحقق هذه الأحلام البراقة في يوم من الأيام؟! إنها مجرد أوهام وخيالات لأن الحياة لا تقبلها ولا تنتظم بها.

إن نظام الطبقات واستعلاء بعض الطبقات على البعض الآخر، والظلم والحرمان واستعباد القوي للضعيف، كل هذه الأنظمة إنما توجدها النظم الجاهلية، كما حدث بالفعل على مسار تاريخ البشرية، فالمجتمع في العهد الهندوسي مقسم إلى طبقات: هي البراهما والكشاتريا والشودري وأقسام فرعية أخرى. وفي أوروبا عاش الناس طبقات متفاوتة أشد التفاوت، طبقة تسمى طبقة السادة، وأخرى تسمى طبقة العبيد، وقد تمثلت هذه الأحوال السيئة الجاهلية في عهد الرق، أما في عهد الإقطاع فكان الناس ثلاث طبقات رئيسة: هي طبقة الأشراف وأمراء الإقطاع، وطبقة رجال الدين، وطبقة الشعب المغلوبين على أمرهم، أما في عهد الرأسمالية فإن نظام الطبقات على أشده أيضًا، طبقة تسمى طبقة أصحاب رءوس الأموال، وطبقة أخرى تسمى طبقة العمال، أناس في الثرى وأناس في الثريا!.

<<  <   >  >>