وهكذا الحال في عهد الديمقراطية التي تظاهرت بأن الشعب هو صاحب السلطة، فقد كان الصحيح هو أن الشعب لا يزال هو المستضعف المقهور، وصاحب المال هو السيد الحاكم، وهي نفس الكذبة التي كان يرددها الشيوعيون، من أن طبقة "البروليتاريا" الكادحة هي التي ستملك وتحكم حينما تطبق الشيوعية، وحينما تقضي طبقة "البروليتاريا" على جميع الطبقات المناوئة لها في صراع ثوري محتدم، هذا هو حكم الجاهلية وشريعتها لكن حكم الله هو خلاف هذا، حكم الله أن المجتمع سيكون فيه أغنياء وفقراء ملكية فردية وملكية جماعية، الأغنياء مؤتمنون على المال وللفقراء نصيب في ذلك المال والكل عبيد لله تعالى لا طبقات ولا كبرياء، ينتقل المال من يد إلى يد ومن شخص إلى آخر، وقد يصبح الغني فقيرًا وقد يصبح الفقير غنيًّا حسب تصريف الله للأمور.
ومعنى هذا أن المال في الإسلام ليس منحصرًا في طبقة من الناس دون أخرى، ولا في فئة من المجتمع بخصوصهم، حتى وإن كانت تلك الفئة هم الحكام؛ فإن الإسلام لا يعطي الحاكم حرية التملك كما يهوى، بل شأنه شأن غيره غير ما يأخذه في مقابل جلوسه للحكم بين الناس، ومن هنا نجد أن حكام الدولة الإسلامية في نشأتها كان الحاكم منهم لا يتمتع بأي امتيازات مالية، ولهذا كان الحكام يعتبرون تحمل المسؤولية أمانة عظيمة وخطرًا جسيمًا، لا فوزًا كما يسميه الناس اليوم. وينبغي التنبيه إلى أنه إذا وجد نزاع بين المسلمين فإنه لا يكون من أجل إسقاط طبقة لطبقة أخرى، أو علو فئة على أخرى، إنما يكون ذلك في الغالب من أجل الوصول إلى الحق، وإلى دفع الخطأ والخطر عن الناس، هذا أمر طبيعي. ولا يجوز أن يفسر على أنه صراع طبقي كما يفسره الملاحدة حسب نظرياتهم المادية.