فاصطدمت بالنظام الرأسمالي الذي يمثل سيادة أصحاب رؤوس الأموال على الفقراء وعلى الأفكار عموما، ثم نتج عن ذلك أيضا قيام قضية الرق الآتية، وهي المرحلة الثانية من المراحل التي يزعم الملاحدة أنها نشأت إثر صراع طبقي بين المنتصرين في الحرب والمهزومين من جهة، وبين أصحاب الأموال الدائنين وبين الفقراء المدينين من جهة أخرى، ولأسباب مادية أيضًا انهار أمر الرق تدريجيا؛ لأنه لم يعد كما يقولون تجارة رابحة، وأيضا فإن أولئك المنهزمين والفقراء حينما أحسوا في فترة من فترات تاريخهم للرق والعبودية التي يعانونها؛ أرادوا أن يثأروا لأنفسهم كما هو الحال في بقية الحيوانات الأخرى التي شاركتهم في النشأة الأولى.
وحصل الصراع الطبقي العنيف بين الفقراء والأغنياء، انتصر فيها الفقراء وجعلوا الأغنياء في النهاية عبيدا، ليبدأ الصراع أيضا على أشده كأنهم قطعان الثيران المتصارعين، وهنا تدخل الدين ليكون أداة روحية لاستعباد الجماهير، وإقامة كل الأشكال الراهنة للوضع الاجتماعي بما يعدهم به، بعد أن صبروا على ما هم فيه من البلاء والذل، وازداد النظام الاستعبادي ضراوة وصراعا، فنشأ الإقطاع هكذا تعليلهم لنشأة الرق وظهور التدين ونهاية الرق، وهذه كلها -كما نلاحظ- مجرد افتراضات خرقاء وليس لهم أي دليل إلا آراؤهم التي تخيلوها في نشأة الرق والإقطاع، وغيرها من التقسيمات التي أحدثوها، ولأنهم لا يعلمون أن حكمة الله تعالى اقتضت ألا يكون الأنبياء من أصحاب الثروة أو الجاه، فظنوا -والظن أكذب الحديث- أن الأنبياء إنما أتوا بما أتوا به محافظة منهم على حفظ أموالهم وتجاراتهم، وليبقى الكادحون أرقاء لهم دائما إن هم صبروا على ما هم فيه، وكما نعلم فإن هذه الخدعة لا مكان لها إلا في رأس إبليس ومن اتبعه من الملاحدة أصحاب الخيالات السقيمة.