فإن "ماركس" زعم أن العالم الغربي المتطور سيترك الرأسمالية ويتحول حتما إلى الاشتراكية الشيوعية، فكان العكس هو الصحيح إذ رفض العالم المتطور فكرة الشيوعية، وتقبلتها الدول المتخلفة نسبيا كروسيا والصين، وقد بدأت تظهر في تلك البلدان العودة إلى الرأسمالية رويدا رويدا، خصوصا بعد أن بدأت الشيوعية تحتضر، كما أن ما يتنبئون به من أحداث ستحصل في المستقبل يدل على تناقضهم؛ لأنهم لا يؤمنون بأي شيء في المستقبل يدل عليه العقل، بل يؤمنون بما يدل عليه الواقع المشاهد الذي تفرزه الطبيعة فقط، إلى أن ماتت الشيوعية دون أن ينتقل الناس إلى الشيوعية الأخيرة، التي زعموا أنها ستقضي على جميع الطبقات فتبين كذب الشيوعية جملة وتفصيلا.
أما بالنسبة للمرحلة الأولى -وهي المشاعية البدائية- التي زعم الملاحدة أن الإنسان نشأ بدائيًّا كقطيع من الحيوانات، ثم أخذ يتطور إلى أن استطاع إنتاج أدوات العمل في تطوره التدريجي البطيء، وأنه اكتمل بفضل التعاون الذي قام بين أفراد البشر، وأنهم استطاعوا انتزاع حياتهم من الطبيعة التي كانت تغالبهم ويغالبونها، ثم أضافوا إلى هذا الافتراء افتراء آخر؛ وهو أن ذلك التطور قد اكتمل في الناس من غير إرادتهم ووعيهم، وأنهم انتصروا على الطبيعة بفضل تعاونهم المشاعي في الزراعة والصناعة وغيرهما، إلا أنه حينما انصرف بعض أفراد البشر إلى الإنتاج الفردي لا المشاعي ظهر التناقض بين الملكية الاجتماعية والطابع الفردي لعملية الإنتاج، فاصطدم هذا الوضع وتناقض مع الرغبة في الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، ونتج عن ذلك القضاء على النظام البدائي المشاعي، كحتمية طبيعية للتطور المستمر في الحياة قاطعة بذلك خط سيره.
ثم نشأ بعد ذلك الصراع الطبقي على المصالح المادية، فبدأ من هنا تاريخ الصراع الطبقي في المجتمعات نتيجة للتطورات المتلاحقة، ونتيجة لحياة الإنسان