للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واضح لتاريخ البشرية، وطمس للوجه المشرق من تاريخ البشرية في مختلف الأزمنة، حينما لا يعترف هذا التفسير بأية قيمة خلقية أو دينية أو ثقافية أو اجتماعية، قبل ظهور عبادة المادة الصماء، فهذا التفسير قائم على النظرة الاقتصادية البحتة، فلا قيمة لأي شيء إلا من خلال هذه النظرة الضيقة الباطلة التي لا يعرفون سواها.

إن تاريخ البشر مملوء بالأحداث المختلفة على مر الليالي والأيام، بعضها تكون أحداثًا كبيرة وبعضها صغيرة، وبعضها يكون للمادة تدخل ما فيه، وبعضها لا تمت إليه المادة بأدنى سبب، بل لقد سجل التاريخ أعظم حدث في هذا الوجود في فترة زمنية قصيرة، ولا تزال آثارها واضحة قوية ستبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، إنه الإسلام بتعاليمه السامية ونظمه العادلة، فكيف نشأ؟ وما هي الأسباب التي أدت إلى تغييره للمفاهيم التي قبله رأسًا على عقب؟ وأي حالة اقتصادية اقتضت ظهوره على تلك الحال؟.

والجواب عند المؤمنين بالله تعالى لا يحتاج إلى إعمال الفكر ولا إلى الاجتهاد، فإن الجواب يأتي تلقائيًّا أن الله هو الذي أنشأه وأظهره في الوقت الذي اقتضته حكمته دون أي صراع مادي، ولهذا فإن التفسير الإسلامي لتاريخ الإنسان -ونشأته في هذا الكون- من البدهي أن يختلف اختلافًا جذريًّا عن التفسير المادي له عند الملاحدة، ذلك أن الإسلام يقرر أن للإنسان مفهومه الخاص به، وأنه متميز عن بقية المخلوقات التي تساكنه في هذه الدنيا، فهو مفكر وله عقل وتمييز يدبر الأمور ويصرفها وفق مصالحه وإرادته، وهو الذي يسير المادة وليس المادة هي التي تسيره وتتصرف فيه كما في المفهوم الشيوعي، ففي الإسلام ينبع تاريخ الإنسان من حياته وتفكيره وعمله وتوجهاته، وما يتلقاه من التعاليم الإلهية على أيدي رسل الله -عليهم الصلاة والسلام- وليس من المادة.

<<  <   >  >>