نظر القطيع من الغنم، ولو رجعنا إلى مادة رعى في قواميس اللغة وجدناها تقول كما يلي: الراعي الوالي، والرعية العامة، ورعى الأمير رعيته رعاية، وكل من ولي أمر قوم فهو راعيهم وهم رعيته؛ فالراعي في اللغة يُطلق على رئيس القوم وولي أمرهم، كما يطلق على راعي الغنم، والرعية تطلق في اللغة على القوم، ومن معاني الرعاية الحفظ والإحسان.
فإطلاق لفظ الرعية على القوم وضع لغوي، ولم يجعل المسلمون إطلاق هذه الكلمة خاصًّا بالأعاجم، بل إطلاقها شامل لكل الناس عربًا كانوا أو عجمًا، تبعًا للوضع اللغوي. في ذلك أحاديث كثيرة معروفة منها قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره:((ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته؛ فالإمام الذي على الناس راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راعٍ على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)).
فكيف أغمض بروكلمان عينيه عن هذا كله، واستجاز لعلمه أن يدعي بأن المسلمين نظروا إلى الأعاجم نظرة القطيع، وأنهم أطلقوا عليهم وحدهم لفظ الرعية؟! أليس هذا خيانة علمية وتضليلًا مكشوفًا؟! أين ادعاؤه هذا من النصوص الكثيرة التي ألغت الفوارق القومية، والعرقية، واللونية، وجعلت المسلمين جميعًا سواسية في الحقوق العامة.
ومن الأمثلة أن المستشرقين يفرطون في اختراع العلل والأسباب والحوادث التي يدرسونها اختراعًا ليس له سند إلا التخيل والتحكم، ويزيد في فساد أسلوبهم هذا أنهم يتخيلون أحداث الشرق والعرب والمسلمين وعاداتهم وأخلاقهم