بين الحضارات القديمة، وقد أتاها اليهود كغيرهم غزاة، ونزحوا إليها عابرين، وأقاموا بها فترة من الزمن، وأسسوا مملكتين زالتا كما زال غيرهما، ولم تعمران لزمن طويل، كذلك جاء الفرس والروم والصليبيين وغيرهم، ولم يدم بها مقام سوى لأهلها الأصليين وهم العرب الفلسطينيين، وقد بقيت فلسطين للعرب الذين سكنوها حتى يومنا الحاضر؛ لذا فحق اليهود فيها ليس له أي صحة، ولا يقوم عليه دليل، وهو ادعاء مبني على حنين إلى سراب في خيالهم؛ فهم يحاولون التدليس وإلباس هذا الخيال ثوب الشرعية، ولن يفلحوا؛ لأن زيفهم سينكشف عاجلًا أو لاحقًا.
أما من ناحية انتماء اليهود في شتى أنحاء العالم إلى أصل واحد فإن هذه مغالطة بينة وواضحة، حيث إن إسرائيل وسكانها الحاليين لا يمثلون اليهود الذين يرجعون إلى أصل عبراني قديم ممن ينتمون إلى أسباط إسرائيل، وإن كان منهم السفرديم وهم أقلية بسيطة وُجدت وذابت في المجتمعات الشرقية في جميع الدول، وخلال جميع العصور؛ لذا فإن اليهود الأوربيين الغربين، أو ما يسمون بالأشكناز ليس لهم أي ارتباط تاريخي أو أي علاقة جذرية بفلسطين، وما يهود الأشكناز إلا يهود بلاد الخزر ممن اعتنق اليهودية إبان قيام مملكتهم في الأراضي الروسية، التي أطاحت بها الدولة القيصرية الروسية، وأبادت أي آمال لقيام أي دولة جديدة لهم، وتشتتوا في جميع أصقاع شرق أوربا، وهم ليسو من صلب إسرائيل كما يدَّعون، وليس لهم في الساميين من نسب أو انتماء.
ومن ثم فإن اعتبار جميع يهود العالم أعضاء في جنسية واحدة، وهي الجنسية الإسرائيلية؛ هو كلام هراء ليس له أي قيمة تاريخية أو علمية، بالتالي فإن اليهود ليسو شعبًا، بل هم طائفة دينية تضم جماعات مختلفة من الناس يشتركون في دين واحد، وهذا هو كل ما يجمعهم.