وقد تأول النصارى هذا النص في اليونانيين الذين دخلوا في النصرانية زمن الفترة، وهو من جنس تحريفهم للنص قبله، وإلا فهو صريح في حق العرب كما أشرنا في الذي قبله.
وأيضا فاليونان لهم من الكلام في الإلهيات والبحث عنها ما هو مشهور، لكن بالطرق العقلية، لم يأخذوا ذلك من جهة الأنبياء.
وأما العرب فكانوا في غفلة عن ذلك سوى ما بقي في فطرهم من الإقرار بالله، وأنه خالق كل شيء.
ومما يوضح دلالة هذا النص سياقه في " صحيفة إشعياء "، ولفظه:" إني أصبت عند من لم يسأل عني، ووجدت عند من لم يطلبني، وقلت لأمة لم تدع باسمي: انظري إلي، لأني قد أظهرت يدي طول النهار إلى فئة طاغية سالكة في سبيل سيئ ممتثلة لأهوائها. وفئة أي فئة تغيظني أمام وجهي، وتقرب قرابينها في البساتين، وتبخر في مباخر الشياطين التي تسكن المقابر، وتأكل لحم الخنازير، ومرق النجاسة في أوانيها ".
فمن قوله:" أصبت " إلى قوله: " انظري إلي " إشارة إلى صفة العرب وبعثه محمد -صلى الله عليه وسلم- فيهم بالهدى ودين الحق.
ومن قوله:" لأني " إلى قوله: " ممتثلة لأهوائها " إشارة إلى اليهود، وقد جاء القرآن من وصفهم بما يوافق هذا كوصفهم باتباع الأهواء، وتركهم الحق على علم، وغير ذلك من أخلاقهم الذميمة.