للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الذي حكاه الثعالبي مما يدلك على حذق أبي الطيب في قوله لابن العميد:

قطف الرجال القول قبل نباته ... وقطفت أنت القول لما نورا

وكان يمكنه أن يقول لما أثمر لكن ذهب إلى ما قدمت، وإن ما اقتدى بقول أبي تمام:

ويجف نوار الكلام، وقلما ... يلفى بقاء الغرس بعد الماء

وكان بعضهم يقول: تلخيص المعاني رفق، والاستعانة بالغريب عجز، والتشادق في غير أهل البادية نقص، والخروج مما بنى عليه الكلام إسهاب.

وقال العتابي: قيم الكلام العقل، وزينته الصواب، وحليته الإعراب، ورائضة اللسان، وجسمه القريحة، وروحه المعاني..

وقال عبد الله بن محمد بن جميل المعروف بالباحث: البلاغة الفهم والإفهام وكشف المعاني بالكلام، ومعرفة الإعراب، والاتساع في اللفظ، والسداد في النظم، والمعرفة بالقصد، والبيان في الأداء وصواب الإشارة، وإيضاح الدلالة، والمعرفة بالقول، والاكتفاء بالاختصار عن الإكثار، وإمضاء العزم على حكومة الاختيار.

قال:

وكل هذه الأبواب محتاج بعضها إلى بعض، كحاجة بعض أعضاء البدن إلى بعض، لا غنى لفضيلة أحدها عن الآخر؛ فمن أحاط معرفة بهذه الخصال فقد كمل كل كمال، ومن شذ عنه بعضها لم يبعد من النقص بما اجتمع فيه منها.

قال: والبلاغة تخير اللفظ في حسن الإهام.

وسئل الكندي عن البلاغة، فقال: ركنها اللفظ، وهو على ثلاثة أنواع: فنوع لا تعرفه العامة ولا تتكلم به، ونوع تعرفة وتتكلم به، ونوع تعرفة ولا تتكلم به، وهو أحمدها.

ومن كتاب عبد الكريم قالوا: حسن البلاغة أن يصور الحق في صورة الباطل، والباطل في صورة الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>