والناس مختلفون فيها: منهم من يستعير للشيء ما ليس منه ولا إليه، كقول لبيد:
وغداة ريح قد وزعت وقرة ... إذ أصبحت بيد الشمال زمامها
فاستعار للفجر ملاءة، وأخرج لفظة مخرج التشبيه.. وكان أبو عمرو بن العلاء لا يرى أن لأحد مثل هذه العبارة، ويقول: ألا ترى كيف صير له ملاءة، ولا ملاءة له، إنما استعار له هذه اللفظة؟ وبعض المتعقبين يرى ما كان من نوع بيت ذي الرمة ناقص الاستعارة؛ إذ كان محمولاً على التشبيه، ويفضل عليه ما كان من نوع بيت لبيد، وهذا عندي خطأ؛ لأنهم إنما يستحسنون الاستعارة القريبة، وعلى ذلك مضى جلة العلماء، وبه أتت النصوص عنهم، وإذا استعير للشيء ما يقرب منه ويليق به كان أولى مما ليس منه في شيء، ولو كان البعيد أحسن استعارة من القريب لما استهجنوا قول أبي نواس: