للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعد ابن المعتز من المطابقة قول الله عز وجل: ولكم في القصاص حياة لأن معناه: القتل أنفة للقتل فصار القتل سبب الحياة، وهذا من أملح الطباق وأخفاه.

ومما استغربه الجرجاني من الطباق واستلطفه قول الطائي:

مها الوحش إلا أن هاتا أوانس ... قنا الخط إلا أن تلك ذوابل

لمطابقته بهاتا وتلك، وإحداهما للحاضر وأخرى للغائب، فكانتا في المعنى نقيضتين وبمنزلة الضدين، هذا قوله، وليس عندي بمحقق؛ إنما إحداهما للقريب والأخرى للبعيد المشار إليه، ولكن الرجل أراد التخلص فزل في العبارة.

ومثل هذا عندي في بابه قول أبي الطيب يذكر خيل العدو الزاحف للحرب:

ضربن إلينا بالسياط جهالة ... فلما تعارفنا ضربن بها عنا

فقوله ضربن إلينا مجيء إقدام، وقوله ضربن بها عنا ذهاب فرار، وهما ضدان.

ومن أنواع الطباق قول هدبة بن خشرم:

فإن تقتلونا في الحديد فإننا ... قتلنا أخاكم مطلقاً لم يكبل

فقوله في الحديد ضد قوله مطلقاً لم يكبل وإن لم يأتي على متعارف المضادة، وكذلك قوله:

فإن يك أنفي زال عني جماله ... فما حسبي في الصالحين بأجدع

كأنه قال: وإن يك أنفي أجدع فما حسبي بأجدع.

قال الجرجاني: وقد يخلط من يقصر علمه ويسوء تمييزه بالمطابق ما ليس منه، كقول كعب بن سعد الغنوي يرثى أخاه:

لقد كان أماً حلمه فمروج ... علينا، وأما جهله فعزيب

لما رأى الحلم والجهل ووجد مروحاً وعزيباً جعلهما في هذه الجملة، ولو ألحقنا

<<  <  ج: ص:  >  >>