الموجود ويدخل في باب المعدوم فإنما يريد به المثل وبلوغ الغاية في النعت، واحتجوا بقول النابغة وقد سئل: من أشعر الناس فقال: من استجيد كذبه وأضحك رديثه، وقد طعن قوم على هذا المذهب بمنافاته الحقيقة، وأنه لا يصح عند التأمل والفكرة، انقضى كلامه.
ومن أبيات الغلو للقدماء قول مهلهل:
فلولا الريح اسمع من بحجر ... صليل البيض تقرع بالذكور
وقد قيل: إنه أكذب بيت قالته العرب، وبين حجر وهي قصبة اليمامة وبين مكان الوقعة عشرة أيام، وهذا اشد غلواً من قول امرئ القيس في النار؛ لأن حاسة البصر أقوى من حاسة السمع وأشد إدراكاً..
وهو دون بيت امرئ القيس في تنر صاحبة النار إفراطاً، ودون بيت النابغة قول النمر بن تولب في صفة السيف أيضاً، وقد أنشدته فيما مضى من هذا الباب واختار قوم على بيتي النابغة والنمر قول أبي تمام:
ويهتز مثل السيف لو لم تسله ... يدان لسلته ظباه من الغمد
ومن الغلو قول جرير:
فلو وضعت فقاح بني نمير ... على خبث الحديد إذا لذابا
لأنه شيء لا يذوب أبداً، وقد نعي على أبي نواس قوله:
وأخفت أهل الشرك حتى إنه ... لتخافك النطف التي لم تخلق