فكم بين خوف الرياح الهوج وصدودها، وبين فزع الطير أن تلقط الحب؟ ولا سيما وأفزع الطير بهائمه التي تلقط الحب لضعفها وعدمها السلاح، وأقل خيال أو تمثال يحمي مزروعات جمة
وقد رجح صاحب الوساطة هذا البيت على قول أبي تمام:
فقد بث عبد الله خوف انتقامه ... على الليل حتى ما تدب عقاربه
فاعتبروا يا أولي البصار.
ومما يشاكل قول أبي الطيب في ألفاظه قول نصر الخابز أرزي:
ذبت من الشوق فلو زج بي ... في مقلة النائم لم ينتبه
وكان لي فيما مضى خاتم ... فالآن لو شئت تمنطقت به
فبين الإغراق والإغراق بون بعيد واختلاف شديد.
وإذا لم يجد الشاعر بداً من الإغراق لحبه ذلك، ونزوع طبعه إليه فليكن ذلك منه في الندرة، وبيتاً قي القصيدة إن أفرط، ولا يجعل هجيراه كما يفعل أبو الطيب. وأحسن الإغراق ما نطق فيه الشاعر أو المتكلم بكاد أو ما شاكلها، نحو كأن ولو ولولا، وما أشبه ذلك مما لم يناسب أبيات أبي الطيب المتقدم ذكرها في البشاعة، ألا ترى ما أعجب قول زهير:
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم ... قوم بأحسابهم أو مجدهم قعدوا
فبلغ ما أراد من الإفراط، وبنى كلامه على صحة.
ومما استحسنه الرواة ونص عليه العلماء قول امرئ القيس يصف سناناً: