وقوله أيضاً يتغزل:
مر بنا يهتز في مشيه ... مثل اهتزاز الغصن الرطب
فمقلتي ترتع في حسنه ... ومقلتاه أحرقت قلبي
قوله " أحرقت " وهما مقلتان كقول بعضهم، وأنشده أبو الجراح في طبقات الشعراء:
أشركت عيناه ظالمة ... في دمي يا عظم ما جنت
فقال " ظالمة " وقال " جنت " لأن التثنية جمع في الحقيقة، والجماعة تخبر عنها كما تخبر عن الواحد: لمكان التأنيث، والشاهد من قول القدماء قول أحدهم:
لمن زحلوقة زل ... بها العينان تنهل
فقال " تنهل " وكان حقه أن يقول " تنهلان " لكن العلة ما قدمت.
ومن الموعظة الحسنة البالغة قوله:
أمن الزمان زمانة العقل ... فاخش الإله وحل عن الجهل
واعلم بأنك في الحساب غداً ... تجزى بما قدمت من فعل
ومن تشكي أحوال الناس وقلة ثقتهم وإنصافهم قوله:
أيا رب، إن الناس لا ينصفونني ... ولم يحسنوا قرضي على حسناتي
إذا ما رأوني في رخاء ترددوا ... إلي، وأعدائي لدى الأزمات
ومهما أكن في نعمة حزنوا لها ... ذوو أنفس في شدة جذلات
ثقاتي ما دامت صلاتي لديهم ... وإن عنهم أخرتها فعداتي
سأمنع قلبي أن يحن إليهم ... وأصرف عنهم قالياً لحظاتي
وألزم نفسي الصبر دأبا لعلني ... أعاين ما أملت قبل مماتي
ألا إنما الدنيا كفاف وصحة ... وأمن، ثلاث هن طيب حياتي
قوله " ثلاث " يعني ثلاث خصال أو ثلاث أحوال، كما قال طرفة: