للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النفس منها؛ وأيضاً فإن أكثر أشعارهم إنما يأتي تظرفاً، لا عن رغبة ولا رهبة، فهم مطلقون مخلون في شهواتهم، مسامحون في مذاهبهم؛ إذ كانوا إنما يصنعون الشعر تخيراً واستظرافاً، كما قال كشاجم الكاتب:

ولئن شعرت فما تع ... مدت الهجاء ولا المديحه

لكن رأيت الشعر لل ... آداب ترجمة فصيحه

وعلى هذا النمط يجري الحكم في أشعار الخلفاء، والأمراء، والمترفين من أهل الأقدار: لا يحاسبون فيها محاسبة الشاعر المبرز الذي الشعر صناعته، والمديح بضاعته.

وقد أعرب أبو الفتح بن العميد وأغرب في قوله:

فإن كان مرضياً فقل: شعر كاتب ... وإن كان مسخوطاً فقل: شعر كاتب

ولو حاولت أن أذكر من علمت من شعراء الكتاب سوى من ذكرت لبعد الأمد، وطالت الشقة، واحتجت إلى أن أقيم لهذا الفن ديواناً مفرداً؛ لكني عولت على ابن الزيات، وابن وهب؛ لإحالة الجاحظ في الفضل عليهما، وآنستهما باثنين ليسا بدونهما، ولو لم آت بهذا الباب إلا بما بنيته عليه من ذكر أشعار السيد الرئيس أبي الحسن أيده الله لكان ذلك فوق الرضا والكفاية.

فمن ذلك قوله:

باكر الراح ودع عنك العدل ... واسع في الصحة من قبل العلل

واغتنم لذة يوم زائل ... فالمنايا ضاحكات بالأمل

ما ترى الساقي كشمس طلعت ... تحمل المريخ في برج الحمل

مائساً كالغصن في دعص نقاً ... فاتن المقلة زينت بالكحل

<<  <  ج: ص:  >  >>