للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محبوس فقال: أين هذا الجعفري الذي يتديث في شعره؟ قال علي: فعلمت أنه يريدني لقولي:

ولما بدا لي أنها لا تحبني ... وأن هواها ليس عني بمنجلي

تمنيت أن تهوى سواي، لعلها ... تذوق صبابات الهوى فترق لي

فما كان إلا عن قليل وأشغفت ... بحب غزال أدعج الطرف أكحل

وعذبها حتى أذاب فؤادها ... وذوقها طعم الهوى والتذلل

فقلت لها: هذا بهذا، فأطرقت ... حياء، وقالت: كل من عايب ابتلي

فقلت: أنا هو جعلت فداك، وأنا الذي أقول في الغيرة:

ربما سرني صدودك عني ... وطلابيك وامتناعك مني

حذراً أن أكون مفتاح غيري ... فإذا ما خلوت كنت التمني

ويعاب ما ناسب قول الآخر، وهو جميل:

فلو تركت عقلي معي ما طلبتها ... ولكن طلابيها لما فات من عقلي

لأن الصواب قول عباس، أو مسلم:

أبكي وقد ذهب الفؤاد، وإنما ... أبكي لفقدك لا لفقد الذاهب

فأما طرد الخيال والمجاورة في المحبة فهو مذهب مشهور، وقد ركبه جلة الشعراء، ورواه رواة: منهم طرفة، ولبيد، ثم جرير، ثم جميل، فقال طرفة، وهو أول من طرقه:

فقل لخيال الحنظلية ينقلب ... إليها، فإني واصل حبل من وصل

وقال لبيد في مثل ذلك:

فاقطع لبانة من تعرض وصله ... ولشر واصل خلة صرامها

يقول: اقطع المزار ممن تعرض وصله للقطيعة ويقال: تعرض الشيء، إذا فسد، حكاه الخليل فإن شر من وصلك من قطعك بلا ذنب، يريد

<<  <  ج: ص:  >  >>