للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أتاه أعرابي من بني أسد كان يلقاه إذا حج فيمدحه، فأنشده شعراً أنكر يحيى منه بيتاً فقال: يا أخا بني أسد، ألم أنهك عن مثل هذا الشعر؟ ألا قلت كما قال الشاعر:

بنو مطر يوم اللقاء كأنهم ... أسود لها في غيل خفان أشبل

هم يمنعون الجار حتى كأنما ... لجارهم بين السماكين منزل

بها ليل في الإسلام سادوا ولم يكن ... كأولهم في الجاهلية أول

هم القوم إن قالوا أصابوا، وأن دعوا ... أجابوا، وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا

ولا يستطيع الفاعلون فعالهم ... وإن أحسنوا في النائبات وأجملوا

فقال أبو يوسف: لمن هذا الشعر أصلحك الله فما سمعت أحسن منه؟ فقال يحيى: يقوله ابن أبي حفصة في أبي هذا الفتى، وأوما إلي، فكان قوله أسر إلى من جليل الفوائد، ثم التقت إلي وقال: يا شرحبيل، أنشدني أجود ما قاله ابن أبي حفصة في أبيك، فأنشدته:

نعم المناخ لراغب ولراهب ... ممن تصيب جوائح الأزمان

معن بن زائدة الذي زيدت به ... شرفاً على شرف بنو شيبان

إن عد أيام اللقاء فإنما ... يوماه يوم ندى ويوم طعان

يكسو الأسرة والمنابر بهجة ... ويزينها بجهارة وبيان

تمضي أسنته ويسفر وجهه ... في الحرب عند تغير الألوان

نفسي فداك أبا الوليد إذا بدا ... رهج السنابك والرماح دواني

فقال يحيى: أنت لا تدري جيد ما مدح به أبوك، أجود من هذا قوله:

تشابه يوماه علينا فأشكلاً ... فلا نحن ندري أي يوميه أفضل

أيوم نداه الغمر، أم يوم بأسه؟ ... وما منهما إلا أغر محجل

<<  <  ج: ص:  >  >>