حكاه الجاحظ وغيره، وأظن أن المراد بما عيب الثاني من هذين البيتين، فأما الأول فجيد.
ومن العجب أن يقول عبدة بن الطيب في تأبين قيس بن عاصم:
عليك سلام الله قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحما
تحية من ألبسته منك نعمة ... إذا زار عن شحط بلادك سلما
فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما
ويقول الكميت في تأبين رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول، فهلا قال مثل قول فاطمة رضي الله عنها:
اغبر آفاق السماء وكورت ... شمس النهار وأظلم العصران
فالأرض من بعد النبي كئيبة ... أسفاً عليه كثيرة الرجفان
فليبكه شرق البلاد وغربها ... وليبكه مضر وكل يماني
وليبكه الطود المعظم جوه ... والبيت ذو الأستار والأركان
يا خاتم الرسل المبارك صنوه ... صلى عليك منزل القرآن
صلى الله عليه وسلم، ورحم وكرم وعظم.
والنساء أشجى الناس قلوباً عند المصيبة، وأشدهم جزعاً على هالك؛ لما ركب الله عز وجل في طبعهن من الخور وضعف العزيمة.
وعلى شدة الجزع يبنى الرثاء، كما قال أبو تمام:
لولا التفجع لادعى هضب الحمى ... وصفا المشقر أنه محزون
فانظر إلى قول جليلة بنت مرة ترثي زوجها كليباً، حين قتله أخوها جساس، ما أشجى لفظها، وأظهر الفجيعة فيه!! وكيف يثير كوامن الأشجان، ويقدح شرر النيران، وذلك:
يا ابنة الأقوام إن لمت فلا ... تعجلي باللوم حتى تسألي