للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أوفيت بما عقدت به في صدر هذا الكتاب من إثبات ما انتهى إلي من أيام العرب، مجتهداً في اختصارها، بريئاً مما وقع فيها من الاختلاف، وإنما عهدة ذلك على الرواة.

وسأذكر من مفاخر بني شيبان لمعاً أختم بها هذا الكتاب كما بدأته؛ لأني لو تقصيت ذلك لأفنيت العمر دون تقضي الجزء الذي لا يتجزأ منه قلة، لكني ذهبت فيهم وفي سيدهم أبي الحسن مذهب أبي الطيب في أخوتهم بني تغلب وفي سيدهم علي بن حمدان حيث يقول:

ليت المدائح تستوفي مدائحه ... فما كليب وأهل الأعصر الأول

خذ ما تراه ودع شيئاً سمعت به ... في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل

قال أبو عبيدة: قدم على النعمان بن المنذر وفود ربيعة ومضر بن نزار، وكان فيمن قدم عليه من وفود ربيعة بسطام بن قيس والحوفزان بن شريك البكريان، وفيمن قدم عليه من وفد مضر من قيس عيلان عامر بن مالك وعامر بن الطفيل، ومن تميم قيس بن عاصم والأقرع بن حابس، فلما انتهوا إلى النعمان أكرمهم وحباهم، وكان يتخذ للوفود عند انصرافهم مجلساً: يطعمون فيه معه، ويشربون، وكان إذا وضع الشراب سقي النعمان، فمن بدأ به على أثره فهو أفضل الوفد، فلما شرب النعمان قامت القينة تنظر إلى النعمان من الذي يأمرها أن تسقيه وتفضله من الوفد، فنظر في وجهها ساعة ثم أطرق ثم رفع رأسه وهو يقول:

اسقي وفودك مما أنت ساقيتي ... فابدي بكأس ابن ذي الجدين بسطام

أغر ينميه من شيبان ذو أنف ... حامي الذمار وعن أعراضها رامي

قد كان قيس بن مسعود ووالده ... تبدا الملوك بهم أيام أيامي

فارضوا بما فعل النعمان في مضر ... وفي ربيعة من تعظيم أقوام

هم الجماجم والأذناب غيرهم ... فارضوا بذلك أو بوءوا بإرغام

<<  <  ج: ص:  >  >>