للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالرفع، أراد ولكن أنفع متى ما أملك الضر، ولا أدري ما الفرق بين هذا وبين إن يصرع أخوك تصرع حيث فرقوا بينهما غير أنا نسلم لهم كما سلم من هو أثقب منا حساً وأذكى خاطراً وقال عمرو بن قميثة:

لما رأت ساتيد ما استعبرت ... لله در اليوم من لامها

وهذه أشياء من القرآن وقعت فيه بلاغة وإحكاماً لا تصرفاً وضرورة، وإذا وقع مثلها في الشعر لم ينسب إلى قائله عجز ولا تقصير، كما يظن من لا علم له ولا تفتيش عنده: من ذلك أن يذكر شيئين ثم يخبر عن أحدهما دون صاحبه اتساعاً، كما قال الله عز وجل: " وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها ". أو يجعل الفعل لأحدهما ويشرك الآخر معه، أو يذكر شيئاً فيقرن به ما يقار به ويناسبه ولم يذكره، كقوله تعالى في أول سورة الرحمن: " فبأي آلاء ربكما تكذبان " وقد ذكر الإنسان قبل هذه الآية دون الجان، وذكر الجان بعدها.

وقال المثقب العبدي:

فما أدري إذا يممت أرضاً ... أريد الخير أيهما يليني

أألخير الذي أنا أبتغيه ... أم الشر الذي هو يبتغيني

فقال أيهما قبل أن يذكر الشر؛ لأن كلامه يقتضي ذلك.

وأن يحذف جواب القسم وغيره، نحو قوله عز وجل: " ق والقرآن المجيد، بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم " وقوله: " والنازعات غرقاً " إلى قوله: " يوم ترجف الراجفة " فلم يأت بجواب؛ لدلالة الكلام عليه، وقال عز وجل:

<<  <  ج: ص:  >  >>