صرفه إليه على جهة المثل فهو اختلاب واستلحاق، وإن ادعاه جملة فهو انتحال، ولا يقال منتحل إلا لمن ادعى شعراً لغيره وهو يقول الشعر، وأما إن كان لا يقول الشعر فهو مدع غير منتحل، وإن كان الشعر لشاعر أخذ منه غلبة فتلك الإغارة والغصب، وبينهما فرق أذكره في موضعه إن شاء الله تعالى، فإن أخذه هبة فتلك المرافدة، ويقال: الاسترفاد، فإن كانت السرقة فيما دون البيت فذلك هو الاهتدام، ويسمى أيضاً النسخ، فإن تساوى المعنيان دون اللفظ وخفي الأخذ فذلك النظر والملاحظة، وكذلك إن تضادا ودل أحدهما على الآخر، ومنهم من يجعل هذا الإلمام، فإن حول المعنى من نسيب إلى مديح فذلك الاختلاس، ويسمى أيضاً نقل المعنى، فإن أخذ بنية الكلام فقط فتلك الموازنة، فإن جعل مكان كل لفظة ضدها فذلك هو العكس، فان صح أن الشاعر لم يسمع بقول الآخر وكانا في عصر واحد فتلك المواردة، وإن ألف البيت من أبيات قد ركب بعضها من بعض فذلك هو الالتقاط والتلفيق، وبعضهم يسميه الاجتذاب والتركيب، ومن هذا الباب كشف المعنى والمحدود من الشعر، وسوء الاتباع، وتقصير الآخذ عن المأخوذ منه، وسأورد عليك مما رويته أو تأدى إلى فهمه لكل واحد من هذه الألقاب مثالا يعرفه العالم، ويقتدي به المتعلم، إن شاء الله تعالى.
أما الاصطراف فيقع من الشعر على نوعين: أحدهما: الاجتلاب، وهو الاستلحاق أيضاً كما قدمت، والآخر: الانتحال؛ فأما الاجتلاب فنحو قول النابغة الذبياني:
وصهباء لا تخفي القذى وهو دونها ... تصفق في راووقها حين تقطب
تمززتها والديك يدعو صباحه ... إذا ما بنو نعش دنوا فتصوبوا