وإجانة ريا السرور كأنها ... إذا غمست فيها الزجاجة كوكب
تمززتها والديك يدعو صباحه ... إذا ما بنو نعش دنوا فتصوبوا
وربما اجتلب الشاعر البيتين على الشريطة التي قدمت؛ فلا يكون في ذلك باس، كما قال عمرو ذو الطوق:
صددت الكأس عنا أم عمرو ... وكان الكأس مجراه اليمينا
وما شر الثلاثة أم عمرو ... بصاحبك الذي لا تصبحينا
فاستلحقهما عمرو بن كلثوم؛ فهما في قصيدته، وكان عمرو بن العلاء وغيره لا يرون ذلك عيباً، وقد يصنع المحدثون مثل هذا.
قال زياد الأعجم:
أشم إذا ما جئت للعرف طالباً ... حباك بما تحوي عليه أنامله
ولو لم يكن في كفه غير نفسه ... لجاد بها فليتق الله سائله
ويروى هذا لأخت يزيد بن الطثرية، فاستلحق البيت الأخير أبو تمام فهو في شعره.
وأما قول جرير للفرزدق وكان يرميه بانتحال شعر أخيه الأخطل بن غالب:
ستعلم من يكون أبوه قيناً ... ومن كانت قصائده اجتلاباً
فإنما وضع الاجتلاب موضع السرق والانتحال لضرورة القافية، هكذا ذكر العلماء من هؤلاء المحدثين، وأما الجمحي فقال: من السرقات ما يأتي على سبيل المثل ليس اجتلاباً، مثل قول أبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي:
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيباً بماء فعاد بعد أبوالا.
ثم قاله بعينه النابغة الجعدي لما أتى موضعه، فبنو عامر ترويه للجعدى، والرواة مجمعون أنه لأبي الصلط؛ فقد ذهب الجمحي في الإجتلاب مذهب جرير أنه انتحال ولم أر محدثاً غيره يقول هذا القول.
والانتحال عندهم قول جرير: