إن الطرماح يهجوني لأرفعه ... أيهات أيهات عيلت دونه القضب
" عيلت دونه القضب أي: رفعت عنه القصائد، من قولهم: عالت الفريضة، أي: ارتفعت، والقضيب: القصيدة لأنها تقتضب.
وجرير هجاه بشار بن برد بأشعار كثيرة فلم يجبه، قال بشار: ولم أهجه لأغلبه، ولكن ليجيبني فأكون من طبقته، ولو هجاني لكنت أشعر الناس.
وهجا حماد عجرد بشاراً، فلم يجبه أنفة واحتقاراً، إلى أن قال فيه:
له مقلة عمياء واست بصيرة ... إلى الأير من تحت الثياب تشير
على وده أن الحمير تنيكه ... وأن جميع العالمين حمير
فغضب وهجاه. قال الجاحظ: ما كان ينبغي لبشار أن يضاد حماد عجرد من جهة الشعر؛ لأن حماداً في الحضيض وبشاراً في العيوق، وليس مولد قروي يعدله شعر في المحدث إلا وبشار أشعر منه، ولا نعلم مولداً بعد بشار أشعر من أبي نواس.
وهجا ابن الرومي البحتري، وابن الرومي من علمت، فأهدى إليه تخت متاع وكيس دراهم، وكتب إليه ليريه أن الهدية ليست تقية منه، ولكن رقة عليه، وأنه لم يحمله على ما فعل إلا الفقر والحسد المفرط:
شاعر لا أهابه ... نبحتني كلابه
إن من لا أعزه ... لعزيز جوابه
وأبو تمام: هجاه دعبل وغيره من الأكفاء فجاوبهم، وابتدأ بعضهم، ولم يلتفت إلى مخلد بن بكار الموصلي حين قال فيه وكانت في حبيب حبسة شديدة إذا تكلم: