بل رآه دون المهاجاة والجواب، ولو هجاه لشرفت حاله ونبه ذكره.
وكذلك فعل المتنبي حين بلي بحماقات ابن حجاج البغدادي: سكت عنه اطراحاً واحتقاراً، ولو أجابه لما كان بحيث هو من الأنفة والكبر؛ لأنه ليس من أنداده، ولا من طبقته.
ولما وصل أبو القاسم بن هانئ إلى أفريقية هجاه الشعراء، فقال: لا أجيب منهم أحداً إلا أن يهجوني علي التونسي فإني أجيبه، فلما بلغ قوله علياً قال: أما إني لو كنت ألأم الناس ما هجوته بعد أن شرفني على أصحابي وجعلني من بينهم كفئاً له.
ومن الشعراء من يتزيا بالكبر، ويظهر الأنفة في الجواب عن هجاء من هو مثله أو فوقه خوفاً من الزراية على نفسه، كما وقع من جماعة أعرفهم من أهل عصرنا، وهو يتسرعون إلى أعراض السوقة والباعة، ويستفحلون على الصبيان ومن ليس من أهل الصناعة، ولو كانت لهم أنفة كما يزعمون إلا عن الأكفاء لكانوا عمن لا يحسن شيئاً بالجملة ولا يعد في الخاصة أشد تنزهاً.
ومنهم من لا يهجو كفئاً ولا غيره؛ لما في الهجو من سوء الأثر، وقبح