العزيز الوجيز بتسخير الثقات العدول لخدمة السنة النبوية وحفظها، الذين قال فيهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين"(١).
فوصلت إلينا كاملة المعالم شاملة الأغراض، متعددة الطرق مبيناً ناسخها من منسوخها، وخاصها من عامها، ولا يماري في ذلك إلا جاهل ضيق التفكير، أو حاقد مغرض، أو رافضي معاند، أو كتابي مكابر.
ولقد خلد لنا سجل حفاظ الآثار النبوية الكثير منهم، ومن بين هؤلاء الذين جمعوا بين معرفة الرجال وصنفوا فيهم، وميزوا بينهم وعلى خبرة شاملة لعلل الحديث، ودراية واسعة بفقهه، محدثنا أبو زرعة عبيد الله ابن عبد الكريم الرازي، الذي حاز الرتبة المتقدمة بين أقرانه وشيوخه، فتواتر ثناؤهم عليه، ولذلك الثناء العاطر والمنزلة المرموقة بين جهابذة الحفاظ، ولما اجتمع فيه من علم غزير بالسنة النبوية بجميع فنونها وعلومها اخترته موضوعاً لنيل درجة الدكتوراه والذي شجعني على ذلك ما حازه كتابه الضعفاء من الشهرة الواسعة بين أوساط المحدثين، لما اشتمل عليه من المادة الغزيرة التي أسهمت إسهاماً واضحاً في دعم وترسيخ علم الرجال، وذلك بالكشف عن حال ودرجة الكثير من حملة السنة ورواة الآثار.
وقد جعلت الرسالة في مقدمة، وثلاثة أبواب، وخاتمة.
(١) قال القسطلاني عن هذا الحديث: "رواه من الصحابة أسامة بن زيد، وابن عمر، وابن عمرو، وابن مسعود، وابن عباس، وجابر بن سمرة ومعاذ، وأبو هريرة- رضي الله عنهم- وأورده ابن عدي من طرق كثيرة كلها ضعيفة كما صرح به الدارقطنى وأبو نعيم، وابن عبد البر لكن يمكن أن يتقوى بتعدد طرقه ويكون حسناً كما جزم به ابن كيكلدي العلائي". انظر: إرشاد الساري ج ١، ص ٤ ورواه الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث من طريق معاذ بن جبل، وأبي هريرة، وأسامة بن زيد، وروى بسنده إلى مهنأ بن يحيى أنه قال: "سألت أحمد - يعنى ابن حنبل- عن حديث معان بن رفاعة عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري … " وذكر الحديث … ، فقلت لأحمد: "كأنه كلام موضوع! قال: لا هو صحيح. فقلت: ممن سمعته أنت قال: من غير واحد. قلت: من هم؟ قال: حدثني به مسكين؟ إلا أنه يقول: معان، عن القاسم بن عبد الرحمن. قال أحمد: معان بن رفاعة لا بأس به". انظر: شرف أصحاب الحديث، ص ١١، ٢٨، ٢٩، ٣٠، وانظر: الجرح والتعديل ج ١/ ق ١/ ١٧ حيث روى ابن أبي حاتم هذا الحديث بسنده وانظر كذلك: التمهيد لابن عبد البر، ج ١، ص ٥٩.