للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جولة ثم يضمحل، وإنك ممن أحب صلاحه وزينه، وإني أسمع من إخواننا القادمين ما أنت عليه من العلم والحفظ فأسر بذلك" (١).

وكتب إليه عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني المعروف برسته (٢) من أصبهان، يقول في كتابه "اعلم رحمك الله أني ما أكاد أنساك في الدعاء لك ليلي ونهاري أن يمتع المسلمون بطول بقائك فإنه لايزال الناس بخير مابقي من يعرف العلم وحقه من باطله، ولولا ذلك لذهب العلم وصار الناس إلى الجهل، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وقد جعلك الله فيهم فأحمد الله على ذلك فقد وجب لله عز وجل الشكر في ذلك" (٣).

وكان الحب والتقدير يعبر عنه أحياناً بالدعاء. فقد ذكر ابن أبي حاتم عن الحسن بن أحمد بن الليث أنه قال: "سمعت أحمد بن حنبل- وسأله رجل فقال: بالريّ شاب يقال له أبو زرعة، فغضب أحمد وقال: تقول شاب؟ كالمنكر عليه، ثم رفع يديه وجعل يدعو الله عز وجل لأبي زرعة ويقول: اللهم انصره على من بغى عليه، اللهم عافه، اللهم ادفع البلاء اللهم، اللهم- في دعاء كثير. قال الحسن: "فلما قدمت حكيت ذلك لأبي زرعة وحملت إليه دعاء أحمد بن حنبل له وكنت كتبته عنه، فكتبه أبو زرعة، وقال لي أبو زرعة: ما وقعت في بلية


(١) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص ٣٤١، ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص ١٢٢، وتاريخ دمشق، وتهذيب الكمال ورقة (٤٤٢ - أ)، وتهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٢.
(٢) هو (ق) عبد الرحمن بن عمر بن يزيد بن كثير الزهري، أبو الحسن الأصبهاني الأزرق روى عن ابن عيينة، وأبي داورد الطيالسي، وابن مهدي وغيرهم، وعنه أبو زرعة وغيره. كان عنده عن ابن مهدي ثلاثون ألف حديث، وكان روايه يحيى القطان، وقال أبو حاتم: صدوق ولد سنة ١٨٨ هـ وتوفى سنة ٢٥٥ هـ. انظر: تهذيب التهذيب ج ٦ ص ٢٣٤ - ٢٣٥، والجرح والتعديل ج ٢/ ق ٢/ ٢٦٣.
(٣) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص ٣٤١، وانظر كتاب أبي ثور لأبي زرعة في مقدمة الجرح والتعديل ص ٣٤٤، وشرف أصحاب الحديث ص ١٣٠، وقد تقدم تخريج هذا الحديث في المقدمة.