للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما أقواله التي جمع فيها بين التجريح والتوثيق فمن الصعب الحكم على ذلك الراوي من خلالها باعتباره من الثقات أو من المجروحين، فمثلاً عبد الله بن عبد الله بن أويس قال عنه "صالح صدوق كأنه لين" (١) فإن أردنا تحليل عبارته فنقول لعله أراد بكلمة "صالح" من حيث العبادة والصلاح وكلمة "صدوق" فتعني ما قاله ابن أبي حاتم في المرتبة الثانية من ألفاظ التعديل أي قوله: "إذا قيل إنه صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهي المنزلة الثانية" (٢)، وأما كلمة "لين" فتعني ما قاله ابن أبي حاتم في المرتبة الأولى من ألفاظ الجرح أي قوله "إذا أجابوا في الرجل بلين الحديث فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتباراً (٣) وكذلك الأئمة الآخرين اختلف في نقل أقوال بعضهم في ابن أبي أويس قال يحيى بن معين فيه الأقوال التالية "صالح ولكن حديثه ليس بذاك الجائز"، "ليس بقوي" وقال مرة: "أبو أويس وابنه ضعيفان" وقال مرة: "صدوق وليس بحجة" وقال: "ضعيف" وقال أيضاً: "ابن أبي أويس، وأبوه يسرقان الحديث" (٤)، وقال ابن أبي حاتم: "يكتب حديثه ولا يحتج به وليس بالقوي" (٥). وقال فيه يعقوب بن شيبة: "صدوق صالح الحديث وإلى الضعف ما هو" (٦) ولعل الذي سبر أقوالهم فيه وخرج بحكم دقيق هو ابن عبد البر حيث قال: "لا يحكى عنه أحد جرحه في دينه وأمانته، وإنما عابوه بسوء حفظه، وإنه يخالف في بعض حديثه" (٧). وهكذا نرى بعض الألفاظ التي جمع فيها أبو زرعة بين التوثيق والتجريح في آن واحد التي يتعذر الحكم من خلالها على ذلك الراوي، إلا بعد سبر الأخبار والملاحظة الدقيقة للألفاظ مع القرائن


(١) انظر: الجرح والتعديل ج ٢/ق ٢/ ٩٢؛ وتهذيب التهذيب ج ٥/ ٢٨١.
(٢) انظر: الجرح والتعديل ج ١/ق ١/ ٣٧، والتقييد والايضاح ص ١٥٨.
(٣) انظر: الجرح والتعديل ج ١/ق ١/ ٣٧، والتقييد والايضاح ص ١٥٩.
(٤) انظر أقوال ابن معين في: تهذيب التهذيب ج ٥/ ٢٨١ - ٢٨٢، والجرح والتعديل ج ٢/ق ٢/ ٩٢.
(٥) انظر: الجرح والتعديل ج ٢/ق ٢/ ٩٢، وتهذيب التهذيب ج ٥/ ٢٨١.
(٦) انظر: تهذيب التهذيب ج ٥/ ٢٨١.
(٧) انظر: تهذيب التهذيب ج ٥/ ٢٨٢.